للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَكِنْ قُلْ: قدرَ اللهُ وما شاءَ فَعَلَ فإنَّ "لَوْ" تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ".

وروينا في سنن أبي داود، عن عوف بن مالك رضي الله عنه، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بين رجلين، فقال المقضى عليه لما أدبر:

ــ

لأنه إنما أخبر عن اعتقاده فيما كان يفعل لولا المانع وعما هو في قدرته فأما ما ذهب فليس في قدرته قال القاضي والذي عندي في هذا الحديث أن النهي على ظاهره وعمومه لكن نهى تنزيه لما يدل عليه قوله فإن لو تفتح عمل الشيطان أي يلقى في القلب معارضة القدر ويوسوس به الشيطان وقال المصنف في شرح مسلم الظاهر أن النهي عن إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه فيكون نهي تنزيه لا تحريم وأما من قال تأسفا على ما فات من طاعة الله تعالى وما هو متعذر عليه من نحو ذلك فلا بأس به وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث اهـ. وفيه باب الاستثناء في اليمين كل ما يكون من لو ولولا مما يخبر به الإنسان عن قلة امتناعه من فعله مما يكون فعله في قدرته فلا كراهة فيه لأنه أخبار حقيقة عن شيء بسبب شيء أو حصول شيء لامتناع شيء وتأتي لولا غالبًا لبيان السبب الموجب أو المنافي فلا كراهة في كل ما كان من هذا إلّا أن يكون كاذبا في ذلك كقول المنافقين: ({قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ)} [آل عمران: ١٦٧]، والله أعلم. قوله: (ولكِنْ قُلْ قدَّرَ الله) ضبط بالإضافة إلى الله على إنه جملة اسمية أي هذا قدر الله، ويؤيده إنه روي بقدر الله وضبط برفع الجلالة على إن الجملة فعلية. قال في الحرز وهو الأصح الملائم لقوله وما شاء فعل والقدر بفتح الدال عبارة عما قضاه الله وحكم به من الأمور. قوله: (وَرَوَيَنَا في سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ الخ) كذا اقتصر على عزوه إلى أبي داود في الجامع الصغير قال في السلاح رواه أبو داود والنسائي زاد في الحصين وابن السني كلهم عن عوف، وقال الحافظ بعد تخريجه عن سيف الشامي عن عوف بن مالك قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين رجلين فقال المقضى عليه: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣)} [آل عمران: ١٧٣]، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - علي بالرجل يعني نجا فقال إن الله يحمد على الكيس ويلوم على العجز فإن غلبك الشيء أو قال الأمر فقل: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ]، ثم قال بعد تخريجه هذا حديث حسن أخرجه أبو داود والنسائي وفي سنده سيف الشامي وثقه العجلي وما

<<  <  ج: ص:  >  >>