واعلم أن هذه الآية الكريمة مما ينبغي أن يهتم بمعرفتها صاحب هذا الكتاب. وقد اختلف في ذلك فقال الإمام أبو الحسن
ــ
أعلم أن "ما" يسأل بها عن حقيقة الشيء وعن وصفه وهو هنا من الثاني أي ما صفة المفردين حتى نتأسى بهم وقيل إنها من الأول وعبر بها دون من هم لإرادتهم تفسير اللفظ وبيان المراد منه لا تعيين المتصفين به وأشخاصهم فعدل - صلى الله عليه وسلم - في الجواب عن بيان اللفظ إلى حقيقة ما يقتضيه توقيفاً للسائل بالبيان المعنوي على المعنى إيجازاً فاكتفى فيه بالإشارة المعنوية إلى ما استبهم عليه من الكناية اللفظية قال ابن حجر في شرح المشكاة والأول وإن كان قليلاً أولى من الثاني وإن سلكه كثير لأنه أورد عليه ما أجاب عنه ذلك القائل بقوله وعبر بها دون عن إلخ وفيه تكلف اهـ، بالمعنى. قوله:(والذاكرات) قال المصنف في شرح مسلم تقديره والذاكراته فحذفت الهاء هنا كما حذفت في القرآن لمناسبة رؤوس الآي ولأنه مفعول يجوز حذفه اهـ، وحذف معمول الذاكرات مع وصفه أي والذاكرات ذكراً كثيراً اكتفاء بدلالة السياق عليه ثم في هذا الحديث إيماء إلى قوله:{وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب: ٣٥] حيث عطفهم عطف خاص أو عام على ما سبقه من قوله سبحانه: {إِنَّ المُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ}[الأحزاب: ٣٥] الآية وقال القرطبي في المفهم الكثرة المذكورة هنا هي المأمور بها في قوله
سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١)} [الأحزاب: ٤١] وهذا السياق يدل على أن الذكر الكثير واجب وذلك أنه لم يكتف بالأمر حتى أكده بالمصدر ولم يكتف به حتى أكده بصفته وهذا لا يكون في المندوب فظهر أنه ذكر كثير واجب ولا يقول أحد بوجوب الذكر باللسان دائماً وعلى كل حال كما هو ظاهر هذا الأمر فتعين أن يكون ذكر