للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الموت، وعنده قَدَحٌ فيه ماء، وهو يُدْخِلُ يده في القدح، ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول: "اللَّهُمَّ أعِنِّي عَلى غَمَرَاتِ المَوْتِ، أو سَكَرَات المَوْتِ".

ــ

الله - صلى الله عليه وسلم - توفي في بيتي وفي نوبتي وبين سحري ونحري الحديث وفيه وبين ركوة أو

علبة فيها ماء فجعل يدخل يده فيمسح بها وجهه ويقول إن للموت سكرات هذا آخر الحديث في البخاري فإن كانت رواية موسى محفوظة احتمل إنه قال ذلك بعد هذا ثم وجدت الحديث من طريق ابن وهب عن الليث عن ابن الهاد وابن وهب أعلم بالليث من غيره اهـ. قوله: (وهُوَ بالموتِ) أي مشغول أو ملتبس به والأحوال بعدها متداخلات. قوله: (يمْسَحُ وجهَهُ لي المَاءِ) قيل فعل ذلك تبريد الحرارة الموت وقيل دفعا للغشيان وكربه وقيل زيادة في وضاءة وجهه عند التوجه إلى ربه. قوله: (غَمَراتِ) هي جمع غمرة قال في المصباح الغمرة الشدة ومنه غمرات الموت لشدته وقال الراغب حالة تعرض بين المرء وقلبه وأكثر ما يستعمل ذلك في الشراب وقد يعتري من الغضب والعشق ولد من حب الدنيا والألم والنعاس والغشي الناشئ عن الألم وقد يحصل من الخوف وترى النّاس سكارى وما هم بسكارى. قوله: (وسكَراتِ الموتِ) أتى بالمظهر موضع المضمر تفظيعًا وتخويفا والسكرات بفتحات جمع سكرة بفتح فسكون شدة الموت في القاموس سكرة الموت شدته وغشيته وغمرة الشيء شدته ومزدحمه اهـ. قال في الحرز الظاهر أن يراد بإحداهما هنا الشدة وبالأخرى ما يترتب عليها من الدهشة والحيرة الموجبة للغفلة قال القاضي في تفسير قوله تعالى: (وَجاءَت سَكرَةُ المَوت بِالحَقِّ) [ق: ١٩] أن سكرته شدته الذاهبة بالعقل اهـ.

فائدة

قال القرطبي في تشديد الموت على الأنبياء فائدتان إحداهما تكميل فضائلهم ورفع درجاتهم وليس ذلك نقصًا ولا عذابًا بل هو كما جاء إن أشد النّاس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل والثانية أن يعرف الخلق مقدار ألم الموت فقد يطلع الإنسان على بعض الموتى ولا يرى عليه حركة ولا قلقا ويرى سهولة خروج روحه فيظن الأمر سهلا ولا يعرف ما الميت فيه فلما ذكر الأنبياء الصادقون شدة الموت مع كرامتهم على الله سبحانه قطع الخلق بشدة الموت الذي يقاسيه الميت مطلقًا لإخبار الصادق عنه ما خلا الشهيد قتيل الكفار على ما ثبت في الحديث اهـ. قال الشعراني في كتاب الأخلاق عن بعضهم

<<  <  ج: ص:  >  >>