للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ما أحب تخفيف طلوع روحي وأنا أحب التشديد لأنه آخر عمل يثاب عليه المؤمن وما رواه كعب الأحبار من أن يعقوب - عليه السلام - لما جاء البشير قال له يعقوب ما عندي شيء أكافئك به ولكن هون الله عليك سكرات الموت فمحمول على من يخاف عليه السخط إذا شدد عليه اهـ، وقد ألف العارف بالله تعالى الشيخ شمس الدين محمد ابن الشيخ أبي الحسن البكري الصديقي فيما حصل لنبينا - صلى الله عليه وسلم - في هذا المعنى مؤلفًا سماه القول الأجل في حكمة كرب المصطفى عند حلول الأجل وهو الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى هذا ما دعت إليه حاجة السائل عن وجه الحكمة فيما نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شدة الكرب في سكرات الموتى حتى قال واكرباه وقال لا إله إلّا الله أن للموت سكرات ويجعل يمسح وجهه بالماء، فأقول لا شك أن مزاجه الشريف النبوي من الاعتدال بالوصف الأعظم والحال الأكرم فلا جرم يكون إحساسه بالآلام أكثر ووجدانه لآثاره أكبر ومن ثم قال إني لأوعك كما يوعك رجلان منكم وإذا اعتدلت كفتا ميزان فحصل في واحدة منهما أيسر شيء ظهر

الميل هذا مع ما ينضم إلى ذلك المزاج الشريف من قوة تشبث الحياة الإنسانية به كيف وهو كمادتها الأصلية وقوام حقيقتها العلية فإذا أحست بالترحال عن روضة جسمه المقدسة وخطيرة ذاته المكرمة عز عليها ذلك بما يظهر به مثل ما وقع له - صلى الله عليه وسلم - مع ما ينضم لذلك من أن الله تعالى إذا أجرى مثل ذلك الوصف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ذلك مسلاة لما تنازله أمته من تلك الشدائد ومحسمة لعرق القلق المتزايد فإنه وهو حبيب الله وأعز خلقه عليه جعل رد روحه عليه على هذه الصورة ليسهل على كل أحد حال نفسه في ذلك مع ما ينضم إلى ذلك من أن الله جعله طاويًا لأفذاذ أمته في حقيقته الشريفة بل لأفذاذ الكائنات ضرورة إنه سبب قيامها وملاك قوامها وسابق عليها والحق ناظر من مقلة جنابه الشريف إليها وأنه علته الأصلية ومنشأ وجوداتها الفرعية فإن الكون على جواهره وأعراضه مستمد من حضرته وهو سار فيه سريان حكمة الله تعالى في خليقته وبراهين ذلك تضيق به الطوامير والصحف فنشأ من ذلك أن فراق روحه الشريفة كأنه فراق كل روح لكل جسد وكل حياة لكل حي من كافة ما دارت عليه منطقة الوجود وأحاط

<<  <  ج: ص:  >  >>