للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستحضر في ذهنه أنه حقير في مخلوقات الله تعالى، وأن الله تعالى غنيٌّ عن عذابه وعن طاعته، وأنه عبده، ولا يطلب العفو والإحسان والصفح والامتنان إلا منه.

ويستحب أن يكون متعاهدًا نفسه بقراءة آيات من القرآن العزيز في الرجاء، ويقرؤها بصوت رقيق، أو يقرؤها له غيره وهو يستمع. وكذلك يستقرئ أحاديث الرجاء، وحكايات الصالحين وآثارهم عند الموت، وأن يكون خيره متزايدا، ويحافظ على الصلوات، واجتناب النجاسات، وغير ذلك من وظائف الدِّين، ويصبر على مشقة ذلك، وليحذر من التساهل في ذلك، فإن من أقبح القبائح أن يكون آخر عهده من الدنيا التي هي مزرعة الآخرة التفريط فيما وجب عليه أو ندب إليه.

ــ

الله تعالى يغفر له ما جناه ويرجو ذلك ويتدبر الآيات والأحاديث الواردة في كرم الله تعالى وما وعد به أهل التوحيد وما ينشره لهم من الرحمة يوم القيامة ففي الحديث الصحيح لا يموت أحدكم إلّا وهو يحسن الظن بالله وفي الحديث القدسي أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء قال المصنف في شرح المهذب بعد تفسير تحسين الظن بما ذكر هذا هو الصواب الذي قاله جمهور العلماء وشذ الخطابي فذكر معه تأويلين آخرين معناه حسنوا أعمالكم حتى يحسن ظنكم بربكم

فمن حسن عمله حسن ظنه ومن ساء عمله ساء ظنه وهذا تأويل باطل اهـ. قوله: (بقراءَةِ آياتٍ الخ) ومنها "ورحمتي وسعت كل شيء"، . قوله: (وكَذلِكَ يَستقرئ أحَادِيثَ الرجاء) أي يتتبعها قال المؤلف وقد تتبعت الأحاديث الصحيحة في الخوف والرجاء فوجدت أحاديث الرجاء أضعاف أحاديث الخوف مع ظهور الرجاء فيهما قال في المرقاة ولو لم يكن إلّا حديث واحد هو سبقت أو غلبت رحمتي غضبي لكفي دليلًا على ترجيح الرجاء ويعضده ورحمتي وسعت كل شيء بل المشاهد في عالم الوجود غلبة آثار الرجاء على آثار الخوف واتفق الصوفية على أن العبادة على وجه الرجاء أفضل منه على وجه الخوف وأن الأول عبادة الأحرار والثاني طاعة العبيد ولذا قال - صلى الله عليه وسلم - أفلا أكون عبدًا شكورًا. قوله: (ويحَافِظَ عَلَى الصَّلواتِ) أي الفرائض والرواتب كما يدل

<<  <  ج: ص:  >  >>