للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز البكاء قبلَ الموت وبعدَه، ولكن قبله أولى.

للحديث الصحيح: "فإذَا وَجَبَتْ فَلا تَبْكِيَنَّ باكِيَةٌ". وقد نصَّ الشافعي رحمه الله والأصحاب على أنه يكره البكاء بعد الموت كراهة تنزيه ولا يحرم، وتأوَّلوا حديث "فلا تَبْكِيَنَّ باكِيَةٌ" على الكراهة.

ــ

فيا عباد الله لا تعذبوا إخوانكم وقالت عائشة رضي الله عنها معنى الحديث إن الكافر أو غيره من أصحاب الذنوب يعذب في حال بكاء أهله عليه بذنبه لا ببكائهم عليه والصحيح من هذه الأقوال ما قدمناه أي إنه محمول على من أوصى بفعله أو أهمل الإيصاء بتركه اهـ. قوله: (ويَجوزُ البكاءُ قَبلَ المَوْتِ وبعدَهُ) قال في الروض وقبله أولى قال الإسنوي ومقتضاه طلب البكاء وبه صرح القاضي ونقله في المهمات عن ابن الصباغ ونظر فيه الزركشي والظاهر إن المراد إنه أولى بالجواز لأنه بعد الموت يكون أسفًا على ما فات اهـ، ولذا كان بعد الموت خلاف الأولى المجموع وقيل مكروه كما في الروضة وكلام بعضهم قد يفهم التحريم.

قوله: (للحدِيثِ الصحيح) رواه الشافعي وغيره بأسانيد صحيحة كذا في شرح الروض قال الحافظ قاله - صلى الله عليه وسلم - في قصة عبد الله بن ثابت لما عاده فوجده قد غلب فصاح به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلبنا عليك يا أبا الربيع فصاح النسوة وبكين فجعل جابر بن عتيك يسكتهن فقال - صلى الله عليه وسلم - دعهن فإذا وجبت فلا تبكين باكية قالوا يا رسول الله وما الوجوب قال الموت وقال الحافظ بعد تخريجه هذا حديث صحيح أخرجه أبو داود وأخرجه النسائي وابن حبان في موضعين من صحيحه والحاكم اهـ، وفي طريق أخرى للحاكم عن ابن وهب عن مالك مخالفة في اسم الصحابي وسماه جبر بن عتيك بفتح الجيم وسكون الموحدة وأخرجه كذلك ابن ماجة ورجح الدارقطني قول من سمى الصحابي جبرًا. قوله: (وقَد نصَّ الشَافِعيُّ الخ) نقل المصنف في المجموع عن الجمهور إنه بعد الموت خلاف الأولى، قال السبكي وينبغي أن يقال إن كان البكاء لرقة على الميت وما يخشى عليه من عذاب الله وأهوال القيامة فلا يكون خلاف الأولى وإن كان للجزع وعدم التسليم للقضاء فيكره أو يحرم قال الروياني ويستثنى

ما إذا غلبه البكاء فلا يدخل تحت النهي لانه مما لا يملكه البشر وينبغي أن لا يبكي بحضرة المحتضر.

<<  <  ج: ص:  >  >>