يُعذَّب ببكاء أهله عليه، فليست على ظاهرها وإطلاقها، بل هي مُؤوَّلة. واختلف العلماء في تأويلها على أقوال أظهرها -والله أعلم- أنها محمولة على أن يكون له سبب في البكاء، إما بأن يكون أوصاهم به، أو غير ذلك، وقد جمعتُ كل ذلك أو معظَمه في "كتاب الجنائز" من "شرح المهذب"، والله أعلم.
قال أصحابنا:
ــ
أخرجه الترمذي مختصرًا والبيهقي بتمامه وحديث أسماء بنت يزيد الأنصارية لما نزل بإبراهيم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل له فقال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط أخرجه الطبراني سنده حسن وكذا حديث جابر وحديث ابن عباس قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياكم ونعيق الشيطان فإنه مهما يكن من العين والقلب فمن الرحمة ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان أخرجه أبو داود والطيالسي وحديث ابن مسعود وقرظة بن كعب وثابت بن زيد رضي الله عنهم قالوا رخص لنا في البكاء على الميت من غير نياحة الحديث وفيه قصة أخرجه ابن أبي شيبة بسند قوي وأصله في النسائي اهـ. من كلام الحافظ. قوله:(يعذبُ ببكاءِ أهْلِه) قال في شرح المهذب أجمع العلماء على اختلاف مذاهبهم إن المراد بالبكاء في الأخبار البكاء بصوت أي بالمبالغة في رفعه أو نياحة لا مجرد دمع العين والله أعلم. قوله:
(وقد جَمعْتُ كلَّ ذَلِكَ الخ) قال في شرح المهذب وقال طائفة هو محمول على من أوصى بالبكاء والنوح أو لم يوص بتركهما فمن أوصى بهما أو أهمل الوصية بتركهما يعذب بهما لتفريطه بإهمال الوصية بتركهما فأما من أوصى بتركهما فلا يعذب بهما إذ لا صنع له فيهما ولا تفريط منه وفي شرح مسلم وحاصل هذا القول إيجاب الوصية بتركهما ومن أهملها عذب بهما وقالت طائفة معنى الأحاديث أنهم كانوا ينوحون على الميت ويندبونه بتعديد شمائله ومحاسنه في زعمهم وتلك الشمائل قبائح في الشرع فيعذب بهما كما يقولون يا مرمل النسوان ومؤتم الولدان ومفرق الإخوان وغير ذلك مما يرونه شجاعة وفخرًا وهو حرام شرعًا اهـ، وزاد في شرح مسلم عن محمد بن جرير الطبري وغيره أن معناه إنه يعذب بسماعه بكاء أهله ويرق لهم قال عياض هو أولى الأقوال واحتجوا بحديث فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زجر امرأة عن البكاء على ابنها وقال إن أحدكم إذا مات استعبر له صويحبه