للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للرَّسولِ: ارْجعْ إلَيْها فأخْبرْها أن لِلهِ تَعالى ما أخذَ، ولَهُ ما أعْطَى، وكُلُّ شَيءٍ عِنْدَهُ بأجَلٍ مُسَمَّى، فَمُرْها فَلْتَصْبرْ وَلْتَحْتَسِبْ ... " وذكر تمام الحديث.

قلت: فهذا الحديث من أعظم قواعد الإسلام، المشتملة على مهمات كثيرة من أصول الدين وفروعه والآداب والصبر على النوازل كلِّها، والهموم والأسقام وغير ذلك من الأعراض، ومعنى: "إن لله تعالى ما أخذ"، أن العالم كلَّه ملْكٌ لله تعالى، فلم يأخذ ما هو لكم، بل أخذ ما هو له عندكم في معنى العارية، ومعنى: "وله ما أعطى" أن ما وهبه لكم ليس خارجًا عن مِلْكه، بل هو له سبحانه يفعل فيه ما يشاء، "وكل شيء عنده بأجل مسمى" فلا تجزعوا، فإن من قبضه قد انقضى أجله المسمَّى فمحال تأخُّره أو تقدُّمه عنه، فإذا علمتم هذا

ــ

صاحب التنبيه كالصريح في ندبها اهـ. أي مطلقًا وعبارة هذا الكتاب قريب من ذلك فإنه قال ويعزى الكافر وهو اسم جنس يشمل الحربي وغيره والله أعلم.

قوله: (أَنَّ لله مَا أخَذَ) هو مقتبس من قوله تعالى: {إِنَّا لِلَّهِ} [البقرة: ١٥٦]، وجملة وله ما أعطى تأكيد مناسب للمقام وقدم ذكر الأخذ على الإعطاء وإن كان متأخرًا في الواقع لما يقتضيه المقام والمعنى أن الله إذا أراد أن يأخذه فهو الذي أعطاه فإن أخذه أخذ ماله فلا ينبغي الجزع إذا استعيد منه وما، فيه وفيما بعده مصدرية ويحتمل أن تكون موصولة والعائد محذوف فعلى الأول التقدير الأخذ والإعطاء وعلى الثاني لله الذي أخذ من الأولاد ما أخذ منهم وله ما أعطى منهم أو مما هو أعم من ذلك وكل شيء أي ما أخذه وأعطاه من الأعمار والأرزاق عنده أي كائن في علمه مكتوب عند ملائكته ملتبس بأجل مسمى معين لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه فغم الجزع حينئذٍ لا فائدة له بل هو سبب لفقد الثواب وعظم المصاب والجملة ابتدائية معطوفة على الجملة قبلها ويجوز في كل النصب عطفًا على اسم أن فيستحب التأكيد أيضًا عليه. قوله: (فلْتصْبِرْ) أي بأن تحتمل مرارة فقده من غير أن يظهر عليها شيء من أنواع الجزع. قوله: (ولْتحتَسبْ) أي تدخر ثواب فقده والصبر عليه عند الله وكل من تصبر وتحتسب أمر للغائبة المؤنثة قال في فتح الإله أو الحاضرة

<<  <  ج: ص:  >  >>