الجنة فيفتَحُها لي أحبُّ إليَّ، قال:"فَذلِك لَكَ".
وروى البيهقي بإسناده في "مناقب الشافعي" رحمهما الله، أن الشافعي بلغه أن عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله مات له ابن فجزع عليه عبدُ الرحمن جزعًا شديدًا، فبعث إليه الشافعي رحمه الله: يا أخي عزِّ نفسك بما تعزّي به غيرك، واستقبح من فِعْلك ما تستقبحه من فعل غيرك، واعلم أن أمضَّ المصائب فَقْدُ سرورٍ، وحرمان أجرٍ، فكيف إذا اجتمعا مع اكتساب وزْر؟ فتناول حظَّك يا أخي إذا قَرُبَ منك قبل أن تطلبَه وقد نأى عنك، ألهمك الله عند المصائب صبرًا، وأحرزَ لنا ولك بالصبر أجرًا، وكتب إليه:
إنِّي مُعَزِّيكَ لا أني على ثِقَةٍ ... مِنَ الخُلُودِ وَلكِنْ سُنَّةُ الدِّينِ
ــ
الشَّافعيِّ الخ) هو كما قال وقد ذكر الشيخ بعد آثارًا عن بعض الصحابة وعن التابعين بغير سند ولا نسبة لمخرج وبعضها في كتاب التعازي للمدائني بغير سند وبعضها في كتاب العزاء لأبي بكر بن أبي الدنيا بأسانيده فلم أر الإطالة بسوقها. قوله:(ابْن مَهْدِيّ) على وزن مرمى. قوله:(فَجَزِعَ لَهُ جَزَعًا شدِيدًا) قال البيهقي في مناقب الشافعي حتى امتنع من الطعام والشراب فبلغ ذلك الشافعي فكتب الخ. قوله:(عَزِّ نفسكَ) أي صبرها على مضي المصائب بما يصبر به غيرك من التأمل فيما جاء من الأحاديث بوعد الثواب وحسن المآب لمن صبر على مصيبته واحتسب مولاه في بليته. قوله:(واستقْبحْ الخ) أي فإن غيرك يستقبح ما صدر منك من القبيح وإن كان ربما يحسن القبيح ما قام بالإنسان من الميل لذلك الشيء والعنية به. قوله:(أمَضِّ) بفتح الميم وبالضاد المعجمة المشددة أي أوجع المصائب وآلمها. قوله:(وحرمانُ أَجرٍ) الواو على بابها بدليل إنه جاء في رواية أخرى عنه في محلها مع وبدليل قوله بعد فكيف إذا اجتمعا مع وزر أي فتجتمع عليه ثلاث مصيبات فقد السرور وحرمان الأجور واكتساب الوزر الناشئ عن فعل ما نهى عنه مما يدل على الجزع والتبرم من القدر. قوله:(فَتنَاوَلْ حظَّك) أي خذ حظك من الأجر بعظيم الصبر وحفظ اللسان والجنان عما لا يرضى المولى سبحانه. قوله:(وقد نَأَى عنكَ) لكونك كدرته بما فعلت بما يدل على الجزع المانع من الثواب الموجب لعظم المصاب. قوله:(وأَحرزَ) وفي نسخة وأجزل. قوله: