قال:"اللهم أغِثْنا، اللهُم أغِثْنا"، قال أنس: ولا والله، ما نرى في السماء من سحاب ولا قَزَعَة، وما بيننا وبين سَلْع -يعني الجبل المعروف بقرب المدينة- من بيت ولا دار، فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، فلا والله ما رأينا الشمس
ــ
غثنا قال القاضي يجوز أن يكون من طلب الغيث أي هب لنا غيثًا أو رزقًا غيثا كما يقال سقاه الله وأسقاه أي جعل له سقيًا على لغة من فرق بينهما اهـ. وقال ابن الجزري أغثنا أي أنزل علينا الغيث وهو المطر. قوله:(فقَال اللهُم أَغِثْنا الخ) فيه استحباب الاستسقاء في خطبة الجمعة وذلك جائز ولقصد بالخطبة خطبة الجمعة وفيه جواز الاستسقاء منفردًا عن تلك الصلاة المخصوصة قال المصنف في شرح مسلم واغتربه الحنفية فقالوا هذا هو الاستسقاء المشروع لا غير وجعلوا الاستسقاء البروز إلى الصحراء والصلاة بدعة وليس كما قالوا بل هو سنة للأحاديث الصحيحة السابقة وصلاة الاستسقاء أنواع ولا يلزم من ذكر نوع إبطال نوع ثابت اهـ، وأنكر صاحب المرقاة نسبة القول ببدعة صلاة الاستسقاء إلى الحنفية وقال إنه غلط فاحش قال لأن أبا حنيفة إنما قال بعدم سنيتها ولا يلزم من عدم جعلها سنة كونه - صلى الله عليه وسلم - فعلها تارة وتركها أخرى أن تكون بدعة وبالغ في الرد على ابن حجر الهيتمي في هذا المقام على عادته معه في الكلام والله أعلم. قوله:(اللَّهمَّ أغِثنَا) هكذا هو مكرر في الأصول ثلاثًا ففيه استحباب تكرار الدعاء ثلاثًا. قوله:(ولا قَزَعَةٍ) بفتح القاف والزاي وبالعين المهملة القطعة من السحاب وجماعتها قرع كقصبة وقصب قال أبو عبيد وأكثر ما يكون ذلك في الخريف وقال ابن السيد القزع قطع من السحاب رقاق. قوله:(ومَا بيننَا وبينَ سَلْع الخ) أشار به إلى أن السحاب كان مفقودًا لا مستترًا وإلى عظيم كرامته - صلى الله عليه وسلم - على ربه بإنزال المطر سبعة أيام متوالية متصلة لسؤاله من غير تقدم سحاب ولا فزع ولا سبب آخر يحال عليه قال المصنف وسلع بفتح السين المهملة وسكون اللام جبل بقرب المدينة وقال في السلاح جبل بسوق المدينة. قوله:(مثْلَ الترْسِ) أي مثل الاستدارة ولم يرد أنها مثله في القدر. قوله:(ثم أمطرَتْ) هكذا هو في النسخ وسبق في باب صلاة الاستسقاء عن المصنف أن المذهب المختار