حَبِّبْنا إلَيْكَ وإلى مَلائِكَتِكَ وإلى أنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ، وإلى عِبادِكَ الصالِحِينَ، اللهم يَسِّرْنا لِلْيُسْرَى، وَجَنِّبْنا العُسْرَى، واغْفِرْ لنا في الآخِرَةِ والأولى، واجْعَلْنا مِنْ أئمَّةِ المُتَّقِينَ. ويقول في ذهابه ورجوعه بين الصفا والمروة: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عمَّا تَعْلَمْ إنَّكَ أنْتَ الأعَزُّ الأكْرَمُ، اللَّهُمَّ آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذَابَ النَّارِ.
ــ
أسباب الفلاح قوله:(حَببنا إِليَكَ) محبة الله للعبد قيل هي إرادته الخير به وهدايته وإنعامه عليه ورحمته وقيل تيسر ذلك له فعلى الأول صفة ذات وعلى الثاني صفة فعل وتقدم بسط الكلام فيه أول الكتاب في الخطبة، وحب الملائكة يحتمل أن يكون استغفارهم له وثناؤهم عليه ودعاؤهم ويحتمل أن يكون على ظاهره المعروف من المخلوقين وهو ميل القلب إليه واشتياقه إلى لقائه أشار إليه المصنف في شرح مسلم كأنه أومأ بهذا الذكر إلى الحديث الصحيح في مسلم إذا أحب الله عبدًا أمر جبريل فأحبه وأحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض. قوله:(يسِّرْنا لليُسْرى) هي الحالة الحسنة أي في الدنيا والآخرة قال الكواشي في التبصرة سميت باليسرى لأنها تؤدي إلى اليسر ورحمة الله تعالى وقيل المراد للطريقة اليسرى وهي العمل بطاعة الله تعالى بأن يعينه عليها. قوله:(وجَنبنا الْعُسرَى) قيل هي النار وقيل الشر وعبر في النهر بقوله هي الحالة السيئة في الدنيا والآخرة قال الكواشي وسميت العسرى لأنها تؤدي إلى العسر وغضب الله. قوله:(من أَئمةِ المُتقِينَ) أي ممن يقتدى به أرباب التقوى وفيه وإيماء إلى قوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} قال الكواشي زعم بعضهم أن في هذه الآية دليلًا على أن الرياسة في الدين يجب أن تطلب ويرغب فيها اهـ. قوله:(ويَقول في ذَهابهِ ورُجوعِه) أسند الحافظ من طرق بعضها عن الطبراني في كتاب الدعاء بسنده إلى ابن مسعود إنه نزل من الصفا فمشى إلى الوادي فسعى فجعل يقول رب اغفر وارحم انك أنت الأعز الأكرم قال وفي رواية للأعمش عن ابن مسعود أيضًا إذا أتيت بطن المسيل فقل فذكر مثله ثم قال الحافظ هذا موقوف صحيح الإسناد وقد جاء مرفوعًا من وجه آخر عن ابن مسعود ثم أخرجه من طريق الطبراني عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله