القلُوب) أي إلى ما سبق به قدره من السعادة والشقاوة وفي الحديث الصحيح قلب المؤمن بين أصبعين من أصَابع الرحمن يقلبها كيف يشاء وما أحسن قول بعضهم:
وما سمي الإنسان إلا لنسيه ... ولا القلب إلَّا أنه يتقلب
قوله:(ثَبِّتْ قَلبي عَلَى دِينِكَ) هذا منه - صلى الله عليه وسلم - إما تواضعًا وأداءً لمقام العبودية حقها أو تشريعا لأمته وهذا الذكر رواه الترمذي عن أم سلمة وقال حديث حسن رواه النسائي عن عائشة والحاكم عن جابر وأحمد عن أم سلمة أيضًا وأبو يعلى عن جابر أيضًا وفي رواية في الصحيحِ كان يقول يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك. قوله:(اللهم إِني أَسألُكَ مُوجِبَاتِ رَحمتِك الخ) سبق الكلام عليه في جملة حديث في باب صلاة الحاجة. قوله:(اللَّهم إِني أَسألُكَ -إلى قوله- والغِنى) رواه مسلم والترمذي وابن ماجة عن ابن مسعود مرفوعًا كما في الجامع الصغير قال الدميري قال الطيبي معنى.
قوله:(الهُدَى) الهداية إلى الصراط المستقيم وهو (صِرَاط الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم). قوله:(والتُّقى) يعني به الخوف من الله تعالى والحذر من مخالفته ويعني (بالعَفاف) الصيانة من مطامع الدنيا (وبالغِنَى) غنى النفس وقال الثوري العفاف والعفة التنزه عما لا يباح والكف عنه قلت يقال عف عن الحرام عفافًا وهو حينئذ تخصيص بعد تعميم والغنى هنا غنى النفس والاستغناء عن النّاس وعما في أيديهم اهـ، وقال الطيبي أطلق الهدى والتقى ليتناول كل ما ينبغي أن يهدى إليه من أمر المعاش والمعاد ومكارم الأخلاق وكل ما يجب أن يتقي منه من الشرك والمعاصي ورذائل الأخلاق وطلب العفاف والغنى تخصيص بعد تعميم ونقل عن أبي الفتوح النيسابوري أنه قال العفاف إصلاح النفس والقلب فهو تخصيص بعد تعميم أيضًا اهـ. قال في الحرز والأظهر أن يراد بالعفاف التعفف عن السؤال وعدم التكفف بلسان الحال كما أشار إليه بقوله تعالى:{يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} أي أصلًا لا بلسان الحال ولا ببيان المقال وقال زين العرب الهدى هو الرشاد والدلالة والعفاف هنا قيل الكفاف والغنى غنى النفس.