وإن كان قد أوصاه أحد بالسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: السلام عليك يا رسول الله من فلان بن فلان، ثم يتأخر قدر ذراع إلى جهة يمينه فيُسلم على أبي بكر، ثم يتأخر ذراعًا آخر فيسلم على عُمر رضي الله عنهما، ثم يرجع إلى موقفه الأوَّل قُبالة وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيتوسل به في حق نفسه، ويتشفع به إلى ربه سبحانه وتعالى، ويدعو لنفسه ولوالديه وأصحابه وأحبابه ومَن أحسن إليه وسائر المسلمين، وأن يجتهد في إكثارِ الدعاء، ويغتنم هذا الموقف
ــ
ذلك بأن ينتقل من سبب أدنى إلى سبب أرفع منه وهكذا حتى يصل له مطلوبه ويتم له مرغوبه أشار إليه ابن حجر الهيتمي في الجوهر المنظم.
قوله:(وإن كان أوصاه أحد بالسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الخ) قال العلماء: يسن له هذا المقال أو نحوه من العبارات المؤدية لهذا المعنى وفارق سنه ذلك هنا وجوب التبليغ فيما لو أمر إنسان إنسانًا أن يسلم على فلان أي إن لم يصرح بعدم القبول فيجب أن يسلم عليه منه بأن القصد من السلام ابتداء وردًا من الأحياء التواصل وعدم التقاطع الذي يغلب وقوعه بين الأحياء وحينئذ فإرسال السلام للغائب القصد به مواصلته وعدم مقاطعته وإذا كان هذا هو القصد به كان تركه مع تحمله تسببًا ووسيلة إلى المقاطعة المحرمة أي لمن شأنه ذلك وللوسائل حكم المقاصد فاتجه تحريم ترك بلاغ السلام وأما إرسال السلام إليه - صلى الله عليه وسلم - فالقصد منه الاستمداد منه وعود البركة على المسلم فتركه فيه عدم اكتساب فضيلة للغير فلم يجر لتحريمه سبب يقتضيه فاتجه أن ذلك التبليغ سنة لا واجب وتحريم تفويت الفضيلة على الغير محله إذا كانت الفضيلة حاصلة كدم الشهيد أما ترك اكتساب فضيلة للغير فلا يحرم والله أعلم. قوله:(ثم يرجع إلى موقفه الأول الخ) أنكره العز بن جماعة وقال إنه لم يرد عن الصحابة والتابعين ورد بأن الدعاء هناك والتوسل به - صلى الله عليه وسلم - له أصل عن السلف والذي لم ينقل إنما هو الترتيب المخصوص وحكمته أن في تأخير الدعاء والتوسل عن السلام على الشيخين تقديم ما يتعلق به - صلى الله عليه وسلم - من زيارته وزيارة صاحبيه ثم الإقبال على مايتعلق بالإنسان في كل أمر وشأن. قوله:(فيتوسل به - صلى الله عليه وسلم -) أي لأن التوسل به