على بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان بن الحارث آخذٌ بلجامها، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أنا النَّبِيُّ
ــ
أو تحرف والفرار لخوف جبن غالبًا ولم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه انهزم في موطن قط ومن ثمة أجمعوا على أنه
لا يجوز الانهزام عليه فمن زعم أنه انهزم وقصد التنقيص كفر وإن لم يقصده أدب تأديبًا عظيمًا عند الشافعي وقتل عند مالك. قوله:(على بغطته البيضاء) أي التي أهداها له المقوقس واسمها دلدل وله بغلة أخرى يقال لها فضة كذا في بعض شروح الشمائل ماتت في خلافة معاوية لكن في شرح مسلم للمصنف لا يعرف له - صلى الله عليه وسلم - سوى بغلة واحدة وهي التي يقال لها دلدل أهداها له فروة بن نفاثة كعمارة وقيل ابن نعامة بالعين في محل الفاء والميم في محل المثلثة والصحيح المعروف الأول وفي صحيح البخاري أن الذي أهداها له ملك إيلة واسمه فيما ذكر ابن إسحاق محنة بن روزنة والله أعلم وركوبه للبغلة مع عدم صلاحها للحرب ومن ثم لم يسهم لها مع كونها إنما هي من مراكب الأمن والطمأنينة ومع أن الملائكة لم يقاتلوا ذلك اليوم الأعلى الخيل ومع أنه كان له - صلى الله عليه وسلم - أفراس متعددة إيذان بأن سبب نصرته مدده السماوي وتأييده الرباني الخارق للعادة وأنه غير مكترث ولا ملتفت لعظم العدو وإن كان كالسيل والليل في العدد والعدد فهو غاية الثبات والشجاعة وأيضًا ليكون معتمدًا يرجع إليه المسلمون وتطمئن قلوبهم به وبمكانه. قوله:(وأن أبا سفيان بن الحارث) هو ابن عمه - صلى الله عليه وسلم - الحرث بن عبد المطلب واسمه كنيته ويكنى بأبي المغيرة وهو أخو النبي - صلى الله عليه وسلم - من الرضاع وأبوه أكبر ولد عبد المطلب كان أبو سفيان يألف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة فلما بعث عاداه وهجاه ثم أسلم عام الفتح وحسن إسلامه وقد ذكرت جملة من مناقبه وفضائله في بغية الشرفا فيمن حاز بشبه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - شرفًا. قوله:(بلجامها) بكسر اللام فارسي معرب وتوافقت فيه اللغتان وجمعه لجم ككتاب وكتب ومنه قيل للخرقهَ تشد بها الحائض وسطها اللجام وألجمت الفرس إلجامًا جعلت اللجام في فيه وفي رواية إن العباس أخذ باللجام وأبا سفيان بالركاب وجمع بينهما بأن هذا وقع تارة وذلك وقع أخرى وفي رواية ابن جرير أن عمر كان ممسكًا باللجام والعباس ممسكًا بالركاب. قوله:(أنا النبي الخ) عرف النبي لحصر النبوة فيه. وقوله: