الأول لحسب أجازه الفراء اختصارًا وقال بعضهم: لا يجوز حذفه البتة وما كان هكذا فلا ينبغي أن يحمل كلام الله عليه ويبعد ما قاله من حيث المعنى إن من كان حيًّا عند ربه مرزوقًا فرحًا مستبشرًا لا ينهى أن يحسب نفسه ميتة فيجب أن تحمل قراءة التحتية على أن الفاعل مضمر أي حاسب لتتفق القراءتان في كون الذين مفعولًا وإن اختلفتا من جهة الخطاب والغيبة كذا في النهر بالمعنى ويجوز على قراءته بالتحتية كون الفعل مسندًا إلى ضمير الرسول أو من يحسب كما جوزه القاضي البيضاوي مع ما نقل عن الكشاف بما تعقبه في النهر قوله: {بَلْ أَحْيَاءٌ} بالرفع على تقديرهم أحياء وقرئ أحياء بالنصب على تقدير بل تحسبهم وتقدم أن نحو عند ربهم العندية فيه للمكانة والتشريف والقرب المعنوي لا للمكان والقرب الحسي تعالى الله عن ذلك ففيه مضاف مقدر أي عند كرامة ربهم هذا واختلف العلماء في هذه الآية فقيل إنها نزلت في شهداء أحد وبه قال أبو الضحى وعند أبي داود بإسناد صحيح عن ابن عباس ما يشهد له وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - لما أصيب أخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طيور خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا عنا أنا
أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب فقال تعالى: أنا أبلغهم عنكم فنزلت ولا تحسبن الخ وقيل في شهداء بئر معونة وقيل نزلت في شهداء بدر وكانوا أربعة عشر رجلًا ثمانية من الأنصار وستة من المهاجرين وقيل بل هي عامة في جميع الشهداء وقيل: إن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابوا نعمة وسرورًا حزنوا وقالوا نحن في النعمة والسرور وآباؤنا وإخواننا في القبور فأنزل الله هذه الآية تنفيسًا عنهم وإخبارًا عن حال قتلاهم قال القرطبي في التفسير وبالجملة وإن كان يحتمل أن يكون النزول بسبب المجموع فقد أخبر تعالى عن الشهداء أنهم أحياء في الجنة يرزقون ولا محالة أنهم ماتوا وأن أجسادهم في التراب وأرواحهم حية كأرواح سائر المؤمنين وفضلوا بالرزق في الجنة من وقت القتل حتى كأن حياة الدنيا دائمة لهم وقد اختلف العلماء في هذا المعنى فالذي عليه المعظم