روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أنس رضي الله عنه، في حديث القراء أهلِ بئر مَعُونةَ الذين غدرت الكفار بهم فقتلوهم: أن رجلًا من الكفار طعن خال أنس وهو حَرام بن ملحان، فأنفذه، فقال حرام: الله أكبر فزتُ ورب الكعبة.
ــ
أنهم قالوا: هل يكون هذا غزوًا فأعطاهم الله ثواب الغزو ورضي الله عنهم. قوله:(والله ذو فضل عظيم) أي على عباده المؤمنين وما ذكرناه هو تفسير الجمهور للآية وشذ آخرون فقالوا إن قوله: {الَّذِينَ قَال لَهُمُ النَّاسُ} الخ إنما نزلت في خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر الصغرى وذلك أنه خرج لميعاد أبي سفيان في أحد إذ قال موعدنا بدر في العام المقبل فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقولوا نعم" وفي رواية فقال: - صلى الله عليه وسلم - "إن شاء الله" فخرج - صلى الله عليه وسلم - قبل بدر وكان بها سوق عظيم فأعطى - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه دراهم وقرب من بدر فجاءه نعيم بن مسعود الأشجعي فأخبره أن قريشًا قد اجتمعت وأقبلت لحربه هي ومن انضاف إليها فأشفق المسلمون من ذلك إلا أنهم قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل فصمموا حتى أتوا بدرًا فلم يجدوا أحدًا ووجدوا السوق فاشتروا بدراهمهم أدمًا وتجارة وانقلبوا ولم يلقوا كيدًا وربحوا في تجارتهم فذلك. قوله:{بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ}) أي في تلك التجارات قلت على هذا القول الأخير جرى البيضاوي في التفسير.
قوله:(وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أنس بن مالك الخ) قال الحافظ ورد فيهما مطولًا ومختصرًا فأخرجهما البخاري عن ثمامة بن أسد بن مالك أنه سمع أنسًا قال: لما طعن حرام بن ملحان وكان خاله وذلك يوم بئر معونة قال بالدم هكذا فنضحه على وجهه ورأسه ثم قال الله أكبر فزت ورب الكعبة وأخرجه النسائي قال الحافظ وقرأته مطولًا فساق سنده فيه إلى ثابت قال: كنا عند أنس فقال: ألا أحدثكم عن إخوانكم الذين كانوا سمهم القراء فذكر القصة وفيها بعثهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حي من بني سليم فقال لهم: حرام بن ملحان إنا لسنا إياكم نريد فطعنه رجل بالرمح فأنفذه فيه فلما وجد الرمح من جوفه قال: الله أكبر فزت ورب الكعبة فانطووا عليهم يعني بالقتل فما بقي منهم أحد ثم قال: