وروينا في سنن أبي داود في الحديث الصحيح الذي قدمناه في باب ما يقول إذا ركب دابته، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وجيوشه إذا علوا الثنايا كبروا، وإذا هبطوا سبَّحوا".
ــ
سبحنا وفي بعض طرق البخاري وإذا هوينا بدل هبطنا وهي بمعناها وأخرجه النسائي كذلك أيضًا. قوله:(صعدنا) بكسر العين مضارعه يصعد بفتحها. قوله:(كبرنا) أي قلنا الله أكبر إظهارًا لكبريائه تعالى وعلو مكانته وارتفاع شأنه. قوله:(هبطنا) بفتح الموحدة أي نزلنا من العلو إلى الأسفل. قوله:(سبحنا) أي قلنا سبحان الله تنزيهًا له عن الزوال والنزول وحديث ينزل ربنا معناه ينزل أمره أو حكمه أو ملائكته أو النزول محمول على التجلي مطلقًا بناء على طريق الخلف من تأويل الأحاديث المتشابهة.
قوله:(وروينا في سنن أبي داود الخ) قال الحافظ وقع في هذا الحديث خلل من بعض رواته وبيان ذلك أن مسلمًا وأبا داود وغيرهما أخرجوا هذا الحديث من رواية ابن جريج عن أبي الزبير عن علي الأزدي عن ابن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر كبر ثلاثًا الحديث إلى قوله "لربنا حامدون" فاتفق من أخرجه على سياقه إلى هنا ووقع عند أبي داود بعد حامدون وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - وجيوشه الخ وظاهره أن هذه الزيادة بسند التي قبلها فاعتمد الشيخ على ذلك وصرح بأنها عن ابن عمر وفيه نظر فإن أبا داود أخرج الحديث عن الحسن بن علي عن عبد الرزاق عن ابن جريج بالسند المذكور إلى ابن عمر فوجدنا الحديث في مصنف عبد الرزاق قال فيه باب القول في السفر أخبرنا ابن جريج فذكر الحديث إلى قوله لربنا حامدون ثم أورد ثلاثة عشر حديثًا بين مرفوع وموقوف ثم قال بعدها أخبرنا ابن جريج قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وجيوشه إذا صعدوا الثنايا كبروا وإذا هبطوا سبحوا فوضعت الصلاة على ذلك هكذا أخرجه معضلًا ولم يذكر فيه لابن جريج سندًا فظهر أن من عطفه على الأول أو مزجه أدرجه وهذا من أدق ما وجد في المدرج وحذف الشيخ الزيادة الأخيرة وهي عند أبي داود وكان المراد أن ابتداء أركان الصلاة شرع فيه التكبير