وروينا في "صحيح مسلم" عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، أن رجلًا أكل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بشماله، فقال:
ــ
لأحدهم أو غيرهم وأذن لهم في الأكل اشترط رضاه ويحرم لغيره ويجوز له هو إلا أنه يستحب له استئذان الآكلين معه ويحسن للضيف ألا يقرن وأن يتأدب بآداب الاكل مطلقًا إلا أن يكون مستعجلًا ويؤيد الإسراع لشغل آخر وقال الخطابي: إنما كان هذا في زمنهم حين كان الطعام مضيقًا، فأما اليوم مع اتساع الحال فلا حاجة إلى الإذن. قال المصنف وليس كما قال والصواب ما ذكرناه من التفصيل فإن الاعتبار بعموم اللفظ بخصوص السبب لو ثبت اهـ. وقال في النهاية إنما نهى عن القرآن لأن فيه شرها وذلك يزري بفاعله أو لأن فيه غبنًا لرفيقه، وقيل: إنما نهي عنه لما كانوا فيه من شدة العيش وقلة الطعام، وكانوا مع هذا يواسون من القليل، فإذا اجتمعوا على الأكل آثر بعضهم بعضًا على نفسه، وربما كان في القوم من قد اشتد جوعه فربما قرن بين التمرتين أو عظم اللقمة فأرشدهم إلى الإذن فيه ليطب به أنفس الباقين اهـ. قال شيخ الإسلام زكريا والنهي عنه للتنزيه إلا أن يكون شركة بينهم وأما خبر الطبراني كنت نهيتكم عن الإقران في التمر فاقرنوا الخ ففي سنده اضطراب فإن يصح فمحمول على بيان الجواز وهو لا ينافي كراهة التنزيه وقيل: إنه ناسخ لها ثم قال: والنهي عن ذلك نهي تنزيه فهو جائز وإن كره لأن ذلك إنما وضع بين أيدي النّاس للأكل فسبيله سبيل المكارمة لا سبيل التشاح لاختلاف النّاس في الأكل اهـ.
قوله:(وروينا في صحيح مسلم الخ) أخرجه مسلم من طريق ابن الحباب عن سلمة بن الأكوع واقتصر على تلك الطريق وجاء من طريق إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لرجل يقال له: بسر بن راعي العير من أشجع وهو يأكل بشماله فذكر الحديث. أخرجه أحمد وابن حبان وأخرجه الحافظ من طريق الدارمي وغيره عن إياس وقال في رواية الدارمي إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبصر رجلًا وفي آخره فما وصلت يمينه إلى فيه بعد وقد أعاد المصنف هذا الحديث في باب الدعاء على من ظلم ويأتي فيه من بحث هناك إن