للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رواية "كان إذا فرغ من طعامه" وقال مرة "إذا رفع مائدته قال: الحَمْدُ لِلهِ الذي كفانا وأرْوانا غَيْرَ مَكْفِئ ولا مَكْفُورٍ".

قلت: مكفي، بفتح الميم وتشديد الياء، هذه الرواية الصحيحة الفصيحة، ورواه أكثر الرواة بالهمز، وهو فاسد من حيث العربية، سواء كان من الكفاية، أو من كفأت الإناء، كما لا يقال في مقروء من القراءة: مقرئ، ولا في مرمي مرمئ بالهمز. قال صاحب "مطالع الأنوار" في تفسير هذا الحديث:

ــ

محتجًا بأن المتروك هو المستغني عنه لظهور أن فيه فائدة لم يفدها ما قبلها وهي أنه لا مستغنى لأحد عن الحمد كما تقرر لظهور أنه لا فيض إلا منه تقدس فيجب على

كل مكلف إذ لا يخلو أحد عن نعمة بل نعمه جمة لا تحصى وهو في مقابلة النعمة واجب بمعنى أن الآتي به في مقابلتها يثاب عليه ثواب الواجب. أما شكر المنعم بمعنى امتثال أمره واجتناب نهيه فواجب شرعًا على كل مكلف يأثم بتركه اجماعًا. قوله: (وفي رواية) هي للبخاري أيضًا زاد في السلاح عن البخاري وقال مرة: لك الحمد ربنا غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه وفي رواية للترمذي وابن ماجه وإحدى روايات النسائي: اللهم لك الحمد حمدًا. قوله: (قلت: مكفيّ الخ) قال الحافظ: هكذا ثبت هذا اللفظ في حديث أبي أمامة بالياء وعلى هذا الضبط فقال ابن بطال يحتمل أن يكون من كفأت الإناء فالمعنى غير مردود عليه إنعامه أو من الكفاية أي أنه تعالى غير مكفي رزق عباده أي غير محتاج إلى أحد في كفايتهم إذ لا يكفيهم أحد غيره سبحانه وتعالى فالضمير الله تعالى وهذا ما حكاه المصنف عن الخطابي وقال الحربي الضمير للطعام ومكفي بمعنى مقلوب من الإكفاء وهو القلب أي غير أنه لا يكفئ الإناء للاستغناء عنه. قوله: (ورواه أكثر الرواة بالهمز وهو فاسد من حيث العربية) فساده باعتبار ما ذكره من كونه من كفأت الإناء أو من الكفاية أما إنه مأخوذ من المكافأة فلا فساد. وقال الجواليقي: الصواب غير مكافأ بالهمز أي أن نعمه تعالى لا تكافئ قال الحافظ: ثبت هذا اللفظ هكذا في حديث أبي أمامة بالياء ولكل معنى والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>