المراد بهذا المذكور كلِّه الطعام، وإليه يعود الضمير. قال الحربي: فالمكفي: الإناء المقلوب للاستغناء عنه، كما قال:"غير مستغنىً عنه" أو لعدمه، وقوله: غير مكفور، أي: غير مجحود نعم الله سبحانه وتعالى فيه، بل مشكورة، غير مستور الاعتراف بها والحمد عليها. وذهب الخطابي إلى أن المراد بهذا الدعاء كلِّه الباري سبحانه وتعالى، وأن
الضمير يعود إليه،
ــ
قوله:(المراد بهذا المذكور كله) أي الذي ذكر بعود الضمائر إليه من قوله مكفي وما بعده للطعام المدلول عليه بقرينة المقام أي غير مقلوب ولا مكفي أي غير متروك للاغتناء عنه أو لعدمه بل لا تزال حاجة العباد إلى نعم الله مستمرة ومنها الطعام وهو مجريها عليهم بمنه على الدوام وذكر غير مكفور على هذا لعوده إلى الطعام وإن كان من جملة النعم الجسام والكفر فيه بالمعنى المقابل للشكر أي إن هذا الطعام لم يكفر بجحده وستره وترك الشكر عليه بل لا يزال مشكورًا والاعتراف بأنه من النعم مذكورًا والله أعلم. قوله:(وذهب الخطابي الخ) أي إن الضمائر من مستغنى عنه وما بعده ترجع إلى الباري المذكور قال الحافظ: ما ذكر المصنف عن الخطابي من أن الضمير في قوله مستغنى عنه الله يدل له ما جاء في بعض طرق حديث أبي أمامة عنه أنه قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أقول عند فراغ الطعام "قال: قل اللهم أطعمت فأشبعت وسقيت فأرويت ذلك الحمد غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنك" قال
الحافظ: حديث حسن وفي بعض رواته مقال بسبب اختلاطه لكن له شاهد يشده وهو ما جاء عن رجل من بني سليم كانت له صحبة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرغ من طعامه قال:"اللهم لك الحمد أطعمت فأشبعت وسقيت فأرويت غير مكفور ولا مودع ولا مستغنى عنك" وفي واحد من رواته ضعف من قبل حفظه وباقي رجال الإسنادين ثقات، وما ذكره عن الخطابي من أن معنى غير مكفي الخ دليله حديث أبي هريرة قال: دعا رجل من الأنصار من أهل قباء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانطلقنا معه فلما طعم النبي - صلى الله عليه وسلم - وغسل يده قال: الحمد الله الذي يطعم