وأن معنى قوله: غير مكفي: أنه يُطْعِمُ ولا يُطْعَمُ، كأنه على هذا من الكفاية، وإلى هذا ذهب غيره في تفسير هذا الحديث، أي: إن الله تعالى مستغنٍ عن معين وظهير، قال: وقوله: ولا مودَّع: أي: غير متروك الطلب منه والرغبة إليه، وهو بمعنى المستغنى عنه، وينتصب "ربنا" على هذا بالاختصاص أو المدح أو بالنداء، كأنه قال: يا ربنا اسمع حمدنا ودعاءنا،
ــ
ولا يطعم منَّ علينا فهدانا وكل بلاء حسن أبلانا الحمد الله غير مكفور ولا مودع ولا مكافأ ولا مستغنى عنه الحمد الله الذي أطعم من الطعام وسقى من الشراب وكسى من العري وهدى من الضلالة وبصر من العماية وفضل على كثير ممن خلقه تفضيلًا الحمد الله رب العالمين أخرجه الحافظ من طريق الطبراني في الدعاء. قوله:(وأن معنى قوله غير مكفي الخ) أي إنه تعالى هو المطعم الكافي وهو غير مطعم ولا مكفي. قوله:(ولا مودع أي غير متروك الطلب الخ) هذا على كونه مشدد الدال مفتوحها وسبقت فيه على هذا الوجه معان أخر وأنه يجوز كسر الدال على ما فيه ومآل الكسر والفتح إلى معنى واحد هو دوام الطاعة والطلب والافتقار إلى الكريم سبحانه. قوله:(وهو بمعنى المستغنى عنه) أي فذكره بعده بمنزلة التأكيد والاهتمام بالمقام وليس قوله ولا مستغنى عنه بعده من عطف التفسير لأن في ذكره فائدة لم تستفد من قوله غير مودع نصًّا هي أنه لا استغناء لأحد من العباد عن الباري إذ أصل الوجود ودوامه إنما هو من إمداده ولو انقطع المدد ساعة لفني العالم عن آخره والله أعلم. قوله:(على هذا) أي كون الضمير من مكفي وما بعده يعود إلى الله تعالى، والذي يخص هذا الوجه هو النصب على الاختصاص أما على النداء بحذف أداته أو على اضمار نحو أعني على أنه صفة مقطوعة عن الاسم الكريم فجاز على هذا الوجه وعلى كون الضمير يعود للطعام والله أعلم. قوله:(على الاختصاص الخ) وكذا يجوز كونه منصوبًا بتقدير نحو أعني مما لا يدل قوله مدح وغيره مما ذكر .. قوله:(اسمع حمدنا ودعاءنا) أي المذكور على الأول بالتصريح وعلى الثاني بالإشارة كما تقدم نظيره من كلام سفيان في حديث أفضل