للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروينا في "صحيح مسلم" عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أن الله تعالى ليَرْضَى عَنِ العَبْدِ يأكُلُ الأكلَةَ فيَحْمَدُهُ عَلَيها، ويَشْرَبُ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيها".

ــ

الثلاث لا يخلو إما أن يكون راجعًا إلى الله تعالى أو إلى الحمد أو إلى الطعام الذي يدل عليه السياق فعلى الأول يجوز حينئذٍ أن يقرأ غير منصوبًا بإضمار أعني أو على أنه حال أي الله سبحانه غير مكفي رزق عباده لأنه لا يكفيه أحد غيره وقيل أي غير محتاج إلى أحد لكنه هو الذي يطعم عباده ويكفيهم ولا مودع أي غير متروك الطلب منه والرغبة فيما عنده ولا مستغنى عنه لأنه في جميع الأمور هو المرجع والمستعان والمدعو، ويجوز أن يقرأ مرفوعًا أي هو غير مكفي الخ وعلى الثاني معناه أن هذا الحمد غير مأتي به كما هو حقه لقصور القدرة ومع هذا فغير مودع أي غير متروك بل الاشتغال به دائم من غير انقطاع كما أن نعمه سبحانه لا تنقطع عنا طرفة عين ولا مستغنى عنه لأن الإتيان به ضروري دائمًا ورفع غير ونصبه بحمالهما وعلى الثالث معناه أنه غير مكفي من عندنا بل هو الكافي والرزاق أو غير مردود إليه لأن الاحتياج إليه قد بلغ الغاية ولا مودع أي متروك لأن الحاجة له دائمة ولا مستغنى عنه جملة مؤكدة للجملة السابقة والرفع والنصب في غير بحالهما أيضًا.

قوله: (وروينا في صحيح مسلم عن أنس الخ) قال في السلاح ورواه مسلم والترمذي والنسائي اهـ. وأخرجه الحافظ من حديث أنس أيضًا مرفوعًا بلفظ إن الله ليدخل العبد الجنة بالأكلة أو الشربة يحمده عليها. قوله: (ليرضى عن العبد) أي يرحمه ويثيبه كما جاء في الرواية الأخرى يدخله الجنة. قوله: (يأكل الأكلة) في محل الحال أي حال أكله وحمده ربه تعالى والأكلة بفتح الهمزة اسم للقمة ويرجح الأول قوله ويشرب الشربة إذ هو بالفتح لا غير وأشار في السلاح إلى احتمال الوجهين هنا وأن بعضهم رجحه ولعل هذا وجهه وكل من الأكلة والشربة مفعول مطلق. قوله: (فيحمده) أي أنه

يرضى أكله المتعقب بالحمد مع أن نفعه لنفسه فكيف بالحمد على ما لا نفع له فيه وفيه أن أصل سنة الحمد بعد كل من الطعام والشراب يحصل بأي لفظ اشتق من مادة حمد بل مما يدل على الثناء على الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>