عَجبَ اللهُ مِنْ صَنِيعِكُما بِضَيْفِكُما اللَّيلة، فأنزل الله تعالى هذه الآية
ــ
وهو الأصل وإن كان في الاستعمال الأشهر بالياء وسيأتي ما يتعلق بهذا المقام. قوله:(عجب الله من صنيعكما بضيفكما) قال القاضي عياض: المراد بالعجب من الله تعالى رضاه ذلك الشيء وقيل: مجازاته عليه بالثواب وقيل تعظيمه وقد يكون المراد عجبت ملائكة الله وأضافه إليه تعالى تشريفًا وعند البخاري ضحك الله أو عجيب من فعالكما بفتح الفاء وسيأتني بيانه في باب المدح. قوله:(فأنزل الله تعالى هذه الآية أوخ) في أسباب النزول للسيوطي بعد ذكر حديث ما لفظه وأخرج مسدد في مسنده وابن المنذر عن أبي المتوكل الناجي أن رجلًا من المسلمين قال: يا رسول الله أصابني الجهد فذكر نحو ما في حديث الصحيحين وفيه أن الرجل الذي أضافه ثابت بن قيس بن شماس فنزلت {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} الآية وأخرج الواحدي من طريق محارب بن دثار عن ابن عمر قال: أهدي لرجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رأس شاة فقال: إن أخي وعياله أحوج إلي هذا منا فبعث به إليه فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتى تداولها سبعة أبيات حتى رجعت إلى أولهم فنزلت {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} الآية اهـ. وعزا في التوشيح تخريج هذا الحديث إلى ابن مردويه في تفسيره وذكر صاحب عوارف المعارف أن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النضير للأنصار إن شئتم قسمتم للمهاجرين دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة في غزوة في النضير قالت الأنصار: بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا ونؤثرهم بالغنيمة ولا نشاركهم فيها فأنزل الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} اهـ. وذكر مثله في الكشاف لكن لم يعزه إلى ابن عباس ولا غيره قال الحافظ في تخريج أحاديثه: هكذا ذكره
الثعلبي بغير سند وروى الواقدي عن عمر عن الزهري عن خارجة بن زيد عن أم العلي قالت: لما غنم النبي - صلى الله عليه وسلم - بني النضير فساق الحديث نحوه قال الحافظ وعند أبي داود من رواية عبد الرزاق عن معمر طرق منه ولا مانع من تعدد سبب النزول وأن يكون نزلت عند فعل الجميع اهـ. ثم رأيت السيوطي في التوشيح جمع بذلك والله أعلم.