وبملك الملوك قال الأذرعي وذكر بعضهم وأظنه القاضي أبا الطيب أن في معنى ذلك أو قال: يقرب من ذلك قاضي القضاة وأفظع منه حاكم الحكام اهـ. وظاهره حرمة هذين قياسًا على ما قبلهما وعليه فأقضى القضاة أولى من قاضي القضاة لكن الإجماع الفعلي سيما من مثل المصنف يدل على الجواز إلا أن يجاب بأن ذلك لا دليل فيه ألا ترى إلى إجماعهم على النطق بأبي القاسم حتى من مثل المصنف المرجح لحرمة التكني به مطلقًا وكان عذرهم الاشتهار بهذه التكنية أو نحوه والمحرم إنما هو وضعها ابتداء لا النطق بها بعد ذلك للاشتهار بها كما مر وبه يعتذر عن نطق المصنف هنا بما ذكر وعلى القول بالجواز فقد يفرق بأن في ملك الأملاك من ظهور الشمول الله تعالى ما ليس في قاضي القضاة، وحاكم الحكام يتردد النظر فيه ولحوقه بملك الملوك أظهر قال ثم رأيت ما يصرح بجوازهما وذلك لأن أقضى القضاة أول من لقب به الماوردي فاعترض عليه بعض أهل عصره بأن هذه اللفظة تشبه أحكم الحاكمين فيدخل فيه الباري سبحانه وتعالى وكذا قاضي القضاة لأنه سبحانه وتعالى وصف نفسه بالقضاء في غير آية نحو {يَقْضِي بِالْحَقِّ} وفي دعائه - صلى الله عليه وسلم -: "يا قاضي الأمور" ويدخل فيه أيضًا كل قاض تقدم من الأنبياء وغيرهم فلم يلتفت الماوردي إلى هذا الإنكار بل استمر على التلقيب به وأجاب هو والمحققون من علماء عصره بأن مثل هذا اللفظ إذا أطلق إنما ينصرف عرفًا إلى أهل عالمه وزمانه فقط واستدل ابن المنير المالكي لجوازه بما فيه نظر وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - أطلق على أقضى القضاة في قوله: أقضاكم عليّ وأما قاضي القضاة فأول من لقب به أبو يوسف صاحب أبي حنيفة رضي الله عنهما وكانت الأئمة متوفرين في عصره ولم ينكر أحد منهم ذلك وإنما توقف فيه بعض المتأخرين بما ذكر، والحاصل أن العرف خصص هذين بإطلاقهما على أعدل القضاة وأعلمهم بالنسبة لأهل زمنه في بلده أو إقليمه وقد أنكروا على من أراد التلقيب بشاهان شاه وأفتى الماوردي بتحريمه لصحة الحديث بالمنع منه وكان من أكبر أصدقاء الملك فشكره الملك على ذلك وقال له: أنا أعلم لو حابيت أحدًا في الحق لحابيتني وعارضه الحساد بأنه تلقب بأقضى القضاة وهو نظير ما منع منه فلم يلتفت إلى معارضتهم اهـ، وسيأتي في كتاب الأسماء عن شيخ الإسلام زكريا في شرح البخاري في الكلام على قوله - صلى الله عليه وسلم - شاهان شاه جواز أقضى القضاة.