يكره الابتداء به لأنهم مأمورون بالإنصات للخطبة، فإن خالف وسلَّم فهل يرد عليه؟ فيه خلاف لأصحابنا، منهم من قال: لا يرد عليه لتقصيره، ومنهم من قال: إن قلنا: إن الإنصاف واجب لا يرد عليه، وإن قلنا: إن الإنصاف سُنَّة رد عليه واحد من الحاضرين، ولا يرد عليه أكثر من واحد على كل وجه.
وأما السلام على المشتغل بقراءة القرآن، فقال الإِمام أبو الحسن الواحدي: الأولى ترك السلام عليه لاشتغاله بالتلاوة، فإن سلم عليه كفاه الرد بالإشارة، وإن رد باللفظ استأنف الاستعاذة ثم عاد إلى التلاوة، هذا كلام الواحدي، وفيه نظر، والظاهر أنه يسلم عليه ويجب الرد باللفظ. أما إذا كان مشتغلاً بالدعاء، مستغرقاً فيه، مجمعَ القلب عليه، فيحتمل أن يقال: هو كالمشتغل بالقراءة على ما ذكرناه،
ــ
وجب الرد هنا وإن لم يشرع السلام لأن عدم مشروعيته لعارض لا لذاته بخلافه ثم. قوله:(ولا يرد عليه أكثر
من واحد) أي ولا ينبغي ذلك. قوله:(والظاهر أنه يسلم عليه) أي باللسان وجوباً قال الأذرعي: إذا اتصف القارئ بما ذكره المصنف في الداعي من قوله فأما إذا كان مشتغلاً بالدعاء مستغرقاً فيه الخ فهو كالداعي بل أولى لا سيما المستغرق في التدبر اهـ. وكأنه سبب اعتراض والد الحافظ ابن حجر على المصنف فيما ذكر حيث قال في نكته على الأذكار ما قاله الشيخ في القارئ بأنه يأتي في حقه نظير ما يأتي في الدعاء لأن القارئ قد يستغرق فكره في تدبر معاني ما يقرؤه ثم اعتذر عنه بأن الداعي يكون مهتماً بطلب حاجته فيغلب عليه التوجه طبعاً والقارئ إنما يطلب منه التوجه شرعاً والوساوس مسلطة عليه ولو فرض أن يوفق للحالة العلية فهو نادر اهـ. ولا يخفى أن التعليل الذي ذكره الشيخ من تفكر الداعي يأتي نظيره في القارئ اهـ. كلام الفتح قلت ولك منع جريان التعليل الذي ذكره المصنف في القارئ بأن توجه ذاك لما كان طبعاً تنكدت حاله بما يصرفه عنها ولا كذلك