للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنه قال: "كان غلام يهودي يخدمُ النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمرض، فأتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسْلِمْ،

ــ

الربيع المذكور اسمه سليمان بن داود مر شيوخ البخاري ومسلم وأظنه أنه الذي قال أظنه أو الراوي عنه إلى الربيع اهـ. قوله: (كان غلام يهودي) الغلام وإن كان حقيقة في غير البالغ لكن المراد به هنا البالغ فليس في الحديث دليل على صحة إسلام الصبي وإنما صح إسلام علي رضي الله عنه مع صباه لما ذكره الأئمة أن الأحكام قبل الهجرة كانت منوطة بالتمييز على أن قوله الآتي: أنقذه من النار صريح في بلوغه إذ الأصح الذي عليه الأكثرون ودلت عليه الأخبار الصحيحة أن أطفال المشركين في الجنة وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "هم من آبائهم" قاله قبل أن يعلمه الله بذلك فلما أعلمه أخبر به. قوله: (يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم-) فيه جواز استخدام الذمي ومخالطته أي بالظاهر وسبق في الحديث في بعض طرقه أنه كان يأتي بوضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقدم نعله أما الموادة له وصحبته فيحرمان وعليهما يحمل قوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ} وعلى هذا التفصيل يحمل كلام بعض الأئمة الموهم للتناقض في ذلك. قوله: (فأتاه يعوده) فيه ندب عيادة المريض الذمي ومثله المعاهد والمستأمن لكن إن كان ثم نفع أو صلة كنحو قرابة وجوار وكذا رجاء إسلامه ومثله مبتدع أو فاسق متجاهر بفسقه رجيت توبته فإن انتفت جازت. قوله: (فقعد عند رأسه) فيه استحباب تحري الجلوس ثم للعائد. قوله: (فقال له: أسلم) فيه أنه ينبغي للعائد إذا رأى أمارة الموت وعلم عدم مشقة كلامه على المريض أن يرغبه في التوبة والوصية والتنصل من جميع الحقوق بكل ما يمكنه من أداء أو استحلال ويسن له أن يبالغ في تحسين ظنه بربه وتطميعه في رحمته سيما إن رأى منه أمارات اليأس بل بحث جمع من أئمتنا وجوبه حينئذ أخذًا بقاعدة النصيحة الواجبة ثم هل يؤخذ من قوله -صلى الله عليه وسلم- له: "أسلم إن من عاد مريضاً غير مسلم يجب عليه عرض الإسلام عليه" لأن الأصل في فعله -صلى الله عليه وسلم- أن يكون للوجوب على خلاف فيه في الأصول أو يفرق بأنه -صلى الله عليه وسلم- متحتم عليه إبلاغ الدعوة لكل من أمكنه إبلاغه بخلاف غيره محل نظر والظاهر عدم الوجوب في خصوص هذا حتى عليه -صلى الله عليه وسلم- لأنه قد بلغ الدعوة

<<  <  ج: ص:  >  >>