للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: الحَمْدُ لِلهِ الَّذي أنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ".

وروينا في "صحيح البخاري ومسلم"

ــ

لهذا ولغيره تبليغاً متكرراً ولأنه لو امتنع لم يجبر لذمته وأمانه فلم يتضح وجه الوجوب. قوله: (فنظر إلى أبيه) أي كالمستحي منه في الخروج عن دينه. قوله: (فقال أطع أبا القاسم) أي فقال أبوه لما رأى لولده ميلاً إلى ذلك أطع أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم- فيما أمرك به وفي التعبير بأبي القاسم في هذا المقام إشارة إلى عظم المرتبة التي أوتيها -صلى الله عليه وسلم- وأشار إليه بقوله: إنما أنا قاسم والله يعطي كيف وقد قسم لهذا الخادم له الذي تشرف بخدمته وحل عليه نظر سعادته تلقينه ما فيه نجاته وسعادته الأبدية وأعطاه الله ببركة تلك الوجهة إليه ذلك الكمال الأبدي والعز السرمدي ثم إن أباه إن استمر على دينه فهو في ميدان الخسران ولا ينفعه في ذلك قوله لولده ما ذكر ويؤخذ منه أن أمر الكافر

مثله بالإسلام لا يكون إسلاماً لأن الإنسان كثيراً ما يأمر بالشيء ولا يرضاه. قوله: (الحمد الله الذي أنقذه من النار) أي التي لو مات على كفره لدخلها أو أنقذه الله من النار يعني الكفر لكونه سببها أو من الأمر الذي يؤول من أقام به إليها وهذا منه -صلى الله عليه وسلم- شكر على ما حل بذلك الخادم من نعمة الإسلام التي نالها بسبب نظره عليه الصلاة والسلام.

قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم) قال الحافظ بعد تخريجه وأخرجه ابن حبان أيضاً ولفظ الخبر قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية فقال له: يا عم قل: لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل نبي الله -صلى الله عليه وسلم- يعرضها عليه ويعيدان تلك المقالة حتى قال آخر: ما كلمهم به هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لأستغفرن لك" ما لم أنه عنك فنزلت {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ و} ونزلت في أبي طالب {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية قال المصنف في شرح مسلم: هذا حديث اتفق الشيخان على إخراجه في صحيحيهما من رواية سعيد بن المسيب عن أبيه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يرو عن المسيب إلا ابنه سعيد كذا قال الحفاظ وفيه رد على

<<  <  ج: ص:  >  >>