للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقَلِيلُ على الكَثِيرِ".

قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: هذا المذكور هو السُّنَّة، فلو خالفوا فسلَّم الماشي على الراكب أو الجالس عليهما، لم يكره، صرح به الإِمام أبو سعد المتولي وغيره، وعلى مقتضى هذا لا يكره ابتداء الكثيرين بالسلام على القليل، والكبير على الصغير، ويكون هذا تركاً لما يستحقه من سلام غيره عليه، وهذا الأدب هو فيما إذا تلاقى الاثنان في طريق، أما إذا ورد على

قعود أو قاعد، فإن الوارد يبدأ بالسلام على كل حال، سواء كان صغيراً أو كبيراً، قليلاً أو كثيراً، وسمى أقضى القضاة هذا الثاني سُنَّة؛ وسمى الأول أدباً وجعله دون السُّنَّة في الفضيلة.

ــ

حيث رفعه الله بالركوب ولئلا يظن أنه بهذا خير من الماشي. قوله: (والقليل على الكثير) وذلك للتواضع أيضاً المقرون بالاحترام والإكرام المعتبر في السلام مع أن الغالب وجود الكبير في الكثير وسيأتي في هذا الحديث بعده أن الصغير يسلم على الكبير مع أن الكثير قد يعتبر في معنى الكبير وأيضاً وضع السلام للتواد والمناسب فيه أن يكون الصغير مع الكبير والقليل مع الكثير بمقتضى الأدب المعتبر شرعاً وعرفاً نعم

لو وقع الأمر بالعكس تواضعاً فهو مقصد حسن قال الماوردي إنما استحبَّ ابتداء السلام للراكب لأن وضع السلام إنما هو لحكمة إزالة الخوف من الملتقيين إذا التقيا أو من أحدهما في الغالب أو لمعنى التواضع المناسب لحال المؤمن أو لمعنى التعظيم لأن السلام إنما يقصد به أحد أمرين إما اكتساب ود أو استدفاع مكروه قال الطيبي: فالراكب يسلم على الماشي وهو على القاعد للإيذان بالسلامة وإزالة الخوف والقليل على الكثير للتواضع والصغير على الكبير للتوقير والتعظيم قال بعضهم أما التواضع ففي الكل موجود ولو عكس في الجميع ولذا قالوا ثواب المسلم أكثر من ثواب المجيب فلا بد من مراعاة معنى آخر في الترتيب المقدر فتدبر اهـ. قوله: (وفي رواية للبخاري يسلم الصغير على الكبير الخ) ترجم له البخاري في كتاب الاستئذان باب تسليم الصغير على الكبير ثم قال: وقال إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد والقليل على الكثير" قال الحافظ بعد تخريج الحديث بإسناده أخرجه البخاري موصولاً في كتاب الأدب المفرد عن أحمد بن عمر وهو أحمد بن حفص بن عبد الله السلمي حدثنا أبي حدثنا إبراهيم بن طهمان الخ وفي سنده لطيفة تتابع ثلاثة من التابعين في نسق وأخرجه البخاري في الصحيح موصولاً من وجه آخر ثم أخرج الحافظ بسنده إلى عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يسلم الصغير على الكبير" فذكر مثله ثم قال الحافظ بعد تخريجه أخرجه أحمد عن عبد الرزاق وأبو داود عن أحمد وأخرجه البخاري والترمذي كلاهما من

<<  <  ج: ص:  >  >>