للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ".

وروينا في "صحيحيهما" عن عائشة رضي الله عنها قالت "قَدِمَ ناسٌ من الأعراب على

ــ

غضب (من لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ) قال الكرماني بالرفع والجزم في اللفظين وقال القاضي عياض:

أكثرهم ضبطوه بالرفع على الخبر وقال أبو البقاء: الجيد أن يكون من بمعنى الذي فيرتفع الفعلان وإن جعلت شرطاً لجزمهما جاز وقال السهيلي محمله على الخبر أشبه بسياق السلام لأنه مردود على قول الرجل إن لي عشرة من الولد أي الذي يفعل هذا الفعل لا يرحم ولو جعلت شرطاً لانقطع مما قبله بعض الانقطاع لأن الشرط وجوابه كلام مستأنف ولأن الشرط إذا كان بعده فعل منفي فأكثر ما ورد منفياً بلم لا بلا كقوله ومن لم يتب قال الطيبي: لعل وضع الرحمة في الأول للمشاكلة فإن المعنى من لم يشفق على الأولاد لا يرحمه الله وأتى بالعام ليدخل الشفقة أولياً اهـ. وسيأتي فيه مزيد بيان، وفي الجامع الصغير حديث من لا يَرحم لا يُرحم أخرجه الشيخان والترمذي عن أبي هريرة وابن ماجه عن جرير وفي رواية لأحمد والشيخين والترمذي عن جرير ولأحمد والترمذي أيضاً عن أبي سعيد بلفظ: من لا يرحم النّاس لا يرحمه الله تعالى ورواه الطبراني عن جرير ولفظه: من لا يرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء وفي رواية عن جرير من لا يَرحم لا يُرحم ومن لا يَغفر لا يُغفر له وزاد الطبراني ومن لا يتب لا يتب عليه اهـ، وقيل: هذه الرواية مؤيدة القول بأن من شرطية جازمة اهـ، وقال المصنف في شرح مسلم قوله: من لا يرحم الخ قال العلماء: هذا عام يتناول رحمة الأطفال وغيرهم قلت: قال القاضي عياض كما قال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه مسلم: من لا يرحم النّاس لا يرحمه الله وكما قال: إنما يرحم الله من عباده الرحماء قال: ومن الرحمة واجب وهو كف الأذى عن المسلمين وإغاثة الملهوف وفك العاني وسد خلة الفقراء والضعفاء وهذا كله إن لم يؤد حق الله فيه عاقبه الله ومنعه رحمته إن أنفذ عليه وعده ووعيده وان شاء سمح له وعفا عنه بفضله ورحمته وسعتها اهـ.

قوله: (قدم ناس من الأعراب) يحتمل أن يكونوا أشراف بني تميم الذين منهم

<<  <  ج: ص:  >  >>