رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: تُقَبِّلُونَ صبيانكم؟ فقالوا: نعم، قالوا: لكنَّا والله ما نقبِّل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أوَأمْلكُ أنْ كانَ الله تَعالى نزَعَ مِنْكُمُ الرَّحْمَةَ؟ "
ــ
الأقرع بن حابس وأن القصة واحدة رواها كل من أبي هريرة وعائشة ويحتمل تعددها ثم رأيته في البخاري من حديث عائشة بلفظ جاء أعرابي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: تقبلون الصبيان إلى آخر الحديث أي أتقبلون كما في نسخة من البخاري وهو يؤيد الاحتمال الأول ثم رأيت الشيخ زكريا نقل عن شيخه الحافظ أن الأعرابي هذا يحتمل كونه الأقرع بن حابس والله أعلم. قلت وحكى المصنف في مبهماته عن الخطيب قولاً بأنه عيينة بن حصن قال وقد جاء التصريح في الصحيحين بأنه الأقرع فإن صح عن عيينة أيضاً حمل على أنه كان واقعاً منهما جميعاً اهـ. قوله:(أو أملك إن كان الله نزع منكم الرحمة) قال القاضي عياض: تفسيره ما جاء في رواية البخاري أو أملك لك إن نزع الله من قلبك الرحمة معناه أو أملك منك ذلك حتى أصرفه عنك فاللام هنا بمعنى من وقد تكون الهمزة هنا بمعنى لا على حد قول بعضهم في قوله تعالى: {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} إن معناه لا تفعل ذلك اهـ. وقال الشيخ زكريا في تحفة القاري على صحيح البخاري أو أملك بفتح الواو والهمزة الأولى للاستفهام الإنكاري والواو للعطف على مقدر بعد الهمزة أن نزع الله من قلبك بفتح الهمزة مفعول أملك أي لا أقدر أن أجعل الرحمة في قلبك بعد أن نزعها الله منه ويجوز أن يكون تعليلاً للنفي المستفاد من الاستفهام الإنكاري
ومفعول أملك محذوف أي لا أملك وضع الرحمة في قلبك لأن الله نزعها منك، وضبطها العاقولي بفتح الهمزة وخرجه على نحو ما ذكر وكسرها وخرجه على أنها أداة شرط جزاؤها محذوف أي إن نزع الله الرحمة من قلبك لا أملك لك رفعه ومنعه اهـ، وجعله في المصابيح بفتح الهمزة من أن وعلى حذف مضاف فقال أي أو أملك دفع نزع الله الرحمة من قلبك يعني تقبيل الأطفال شفقة ورحمة فإذا لم تكن في قلبك هذه الشفقة والرحمة فقد نزعا من قلبك ولا أقدر على أن أضع فيه