للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح للتبرك، ولا بتقبيل الرجلُ وجه صاحبه إذا قَدِم من سفره ونحوه.

روينا في "صحيح البخاري" عن عائشة رضي الله عنها في الحديث الطويل في وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: "دخل أبو بكر رضي الله عنه فكشف عن وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم أكبَّ عليه فقَبَّله، ثم بكى".

وروينا في كتاب الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول

ــ

فصل

قوله: (ولا بأس بتقبيل وجه الميت الخ) أي سواء كان قريباً أم لا قال ابن حجر في فتح الإله: حكم المسألة إن كان الميت صالحاً سن لكل أحد تقبيل وجهه التماساً لبركته واتباعاً لفعله -صلى الله عليه وسلم- في عثمان بن مظعون كما سيأتي وإن كان غير صالح جاز ذلك بلا كراهة لنحو أهله وأصدقائه لأنه ربما كان مخففاً لما وجده من ألم فقده ومع الكراهة لغير أهل الميت إذ قد لا يرضى به لو كان حياً من غير قريبه وصديقه ومحل ذلك كله ما لم يحمل التقبيل فاعله على جزع أو سخط كما هو الغالب من أحوال النساء وإلا حرم أو كره اهـ. قوله: (ولا بتقبيل الرجل وجه صاحبه) أي ما لم يكن أمرد جميلاً كما قيد به آخراً. قوله: (وروينا في صحيح البخاري الخ) قلت وكذا رواه الترمذي وابن ماجه والنسائي ووجه الاستدلال بهذا الخبر مع أنه فعل صحابي أنه شاع وانتشر وسكت عليه ولم ينكر فأخذ منه ذلك كيف والذي فعل ذلك أفضل النّاس بعد النبيين صلى الله عليهم أجمعين وقد ورد ذلك من فعله -صلى الله عليه وسلم- ففي صحيح البخاري أنه لما توفي عثمان بن مظعون جاء -صلى الله عليه وسلم- وكشف عن وجهه وقبله وبكى الحديث. قوله: (فكشف عن وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) أي كشوف الثوب الذي غشته به عائشة عند وفاته -صلى الله عليه وسلم-. قوله: (ثم أكب عليه) هذا أحد الفعلين اللذين خرجا عن القياس ثانيهما أعرض فإن قياس القاصر إذا دخلت عليه الهمزة أن يصير متعدياً نحو كرم زيد وأكرمته وهذان الفعلان أي أكب وأعرض متعديان عند عدم الهمزة نحو كبه أي ألقاه على وجهه وعرضه أكب أظهره وإذا دخلت عليهما الهمزة صارا لازمين قال الزوزني ولا ثالث لهما. قوله: (ثم بكى) استشكل ما جاء من بكائه -صلى الله عليه وسلم- عند

<<  <  ج: ص:  >  >>