الله -صلى الله عليه وسلم- في بيتي، فأتاه فقرع الباب، فقام إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- يجرُّ ثوبَه، فاعتنقه وقبَّله" قال الترمذي: حديث حسن.
وأما المعانقة وتقبيل الوجه لغير الطفل ولغير القادم من سفر ونحوه، فمكروهان، نصَّ على كراهتهما أبو محمد البغوي وغيره من أصحابنا.
ويدلُّ على الكراهة ما رويناه في كتابي الترمذي وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال: "قال رجل: يا رسول الله! الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: لا، قال: أفيلتزمه ويقَبِّله؟ قال: لا، قال: فيأخذه ييده ويصافحه؟ قال: نَعَمْ" قال الترمذي: حديث
ــ
كشف وجه عثمان بن مظعون وتقبيله بقوله: فإذا وجبت فلا تبكين باكية وأجيب بأنه لبيان الجواز على أنه
يحتمل أن يكون اضطرارياً والنهي إنما يكون عن الاختياري وبهذا الاحتمال الأخير يجاب عن بكاء الصديق الكبير رضي الله عنه. قوله:(فقرع الباب) يؤخذ منه جواز الاستئذان بنحو قرع الباب من غير سلام وقد ورد مثل ذلك من فعل جابر كما سبق في باب الاستئذان ويحتمل أن يكون قرن بالقرع الاستئذان وهذا القرع كان بلطف كالقرع بالأظافير على ما هو الأدب. قوله:(يجر ثوبه) أي بردائه فكان -صلى الله عليه وسلم- مستور العورة عرياناً من غير ساتر العورة لعجلته استبشاراً يزيد. قوله:(فاعتنقه وقبله) وحذف المصنف من الحديث قول عائشة والله ما رأيته عرياناً قبله ولا بعده أي ما رأيته استقبل رجلاً عرياناً فاختصرت الكلام لدلالة الحال كما قاله القاضي عياض وقيل يحتمل أن يكون مرادها لم تره عرياناً مثل ذلك العري واختار الطيبي ما قاله القاضي وقال: هو الوجه لما شم من سياق كلامها من رائحة الفرح والاستبشار بقدومه واستعجاله للقائه بحيث لم يتمكن من تمام التردي بالرداء حتى جره وكثيراً ما يقع مثل هذا اهـ. قوله:(أينحني له) من الانحناء وهو إمالة الرأس أو الظهر تواضعاً وخدمة (قال: لا) أي فإنه في معنى الركوع والسجود من عبادة الله سبحانه وقوله (أفيلزمه) أي يعتنقه (ويقبله قال: لا) يستدل به من كرههما وخرج نحو السفر لما ورد فيه من حديث زيد وما في معناه وقوله (ويصافحه) معطوف على ما قبله عطف تفسير أو الثاني أخص وأتم. قوله:(قال الترمذي الخ) حديث