فإن أصل المصافحة سُنَّة، وكونهم حافظوا عليها في بعض الأحوال، وفرطوا فيها في كثير من الأحوال أو أكثرها، لا يخرج ذلك البعض عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها.
وقد ذكر الشيخ الإِمام أبو محمد بن عبد السلام رحمه الله في كتابه "القواعد" أن البدع على خمسة أقسام: واجبة، ومحرمة، ومكروهة، ومستحبة، ومباحة. قال: ومن أمثلة البدع المباحة: المصافحة
ــ
قوله:(ولكن لا بأس به) عبر بمثله في الروضة واستحسن في المجموع كلام ابن عبد السلام ثم قال والمختار أن مصافحة من كان معه قبل الصلاة مباحة ومن لم يكن معه قبل الصلاة سنة لأن المصافحة عند اللقاء سنة اهـ، وعليه لا يتقيد ذلك بالصبح والعصر كما هو ظاهر كما لا يتقيد بذلك فتوى الناشري بالاستحباب مطلقاً كما تقدم عنه. قوله:(فإن أصل المصافحة سنة) أي في محلها المشروعة هي فيه وذلك عند التلاقي. قوله:(وكونهم حافظوا عليها في بعض الأحوال) أي وإن لي تكن مشروعة في ذلك البعض كما في ما إذا اجتمعا قبل الصلاة ثم تصافحا عقبها (لا يخرج ذلك البعض) وإن كان مبتدعاً (عن كونه من) أفراد (المصافحة) لطبق تعريفه عليها (التي ورد الشرع بأصلها) أي بالمشروع منها وهو عند الملاقاة، وبما تقرر في حل عبارة المصنف يندفع اعتراض صاحب المرقاة وقوله إن في كلام المصنف نوع تناقض لأن الإتيان بالسنة في بعض الأوقات لا يسمى بدعة اهـ ووجه اندفاعه أن المصنف لم يقل إن المصافحة فيما ذكر من السنة وإنها بدعة مباحة، بل إنها بدعة لأن المصافحة إنما تسن عند اللقاء وهو سابق في هذه الحالة الصلاة فهي بعدها حينئذٍ بدعة لعدم ورودها كذلك عن الشارع وكانت مباحة لورود أصلها في محله وهو عند اللقاء، وبه يندفع أيضاً قوله معترضاً عليه مع أن عمل النّاس في هذين الوقتين ليس على وجه الاستحباب المشروع فإن محل المصافحة أول اللقاء وهؤلاء يتلاقون قبل الصلاة من غير مصافحة ويتصافحون عقبها فأين هذا من السنة اهـ، ووجه اندفاعه بل عدم وروده بالكلية أن المصنف لم يقل باستحباب المصافحة في هذه الصورة بل صرح بأنها بدعة مباحة ومع هذا التصريح فلا يبقى لهذا الإيراد وجه فضلاً عن وجه مليح، وفي المرقاة