للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن كانَ يَرَى أنَّهُ كَذَلِكَ، وحَسِيبُهُ اللهُ ولاَ يُزكي على اللَّهِ أحَداً".

وأما أحاديث الإباحة فكثيرة لا تنحصر، لكن نشير إلى أطراف منها.

فمنها قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح لأبي بكر رضي الله عنه: "ما ظَنُّكَ باثنينِ اللهُ ثالثهُما؟ ".

ــ

حسبت بمعنى العدد فبفتح السين في الماضي وضمها في المضارع ومصدره حسب وحساب وحسابة وحسبان بالضم في الأخير كذا في تحفة القاري للشيخ زكريا. قوله: (إن كان الخ) أي يقول المادح أحسب كذا وكذا أي علم وكرم فلان إن كان المادح يرى أي يعلم أن الممدوح كذلك وإلا كان إطراء ومجاوزة للحد أو كذباً. قوله: (وحسيبه الله) أي محاسبه ربه على علمه وقيل معناه كافيه فهو فعيل بمعنى فاعل والمراد من علم ذلك ظنه كما يدل عليه قوله فليقل: أحسبه كذا الخ إذ القطع لا يعلمه إلا الله والجملة اعتراضية بين المتعاطفين تحريضاً على تحري الصدق والتثبت في ذلك. قوله: (ولا يزكي على الله أحداً) هكذا رواه البخاري في باب ما يكره من التمادح ورواه في آخر الشهادات ولا أزكي ويزكي بالبناء للفاعل وأحداً منصوب وفي نسخة من البخاري بالبناء للمفعول ورفع أحد والغرص من هذه الجملة منعه من الجزم بالتزكية على الله تعالى لأنه الذي يعلم السرائر ثم هم على رواية ولا أزكي معطوف على أحسب من جملة المقول أي فليقل: أحسب الخ ولا أزكي على الله أحداً أي لا أقطع له بعاقبة ولا بما في ضميره لأن ذلك مغيب عني وظاهر كلام الشيخ زكريا أنه كذلك على رواية التحتية لأنه أعرب جملة والله حسيبه معترضة بين المتعاطفين أي أحسب ولا يزكي والله أعلم.

قوله: (وأما أحاديث الإباحة الخ) يوهم حصر أحاديث المنع فيما ذكر وهو غير مراد نعم أحاديث المنع أقل من أحاديث الإباحة ولم يعدل إلى الترجيح بالكثرة لأن محل العدول ما لم يمكن إعمال الدليلين وإلا فهو الأولى. قوله: (قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح الخ) أخرجه الشيخان والترمذي كما في جامع الأصول كلهم من حديث أبي بكر رضي الله عنه قال: نظرت إلى أقدام

المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا فقلت: يا رسول الله لو أن أحداً نظر إلى قدميه أبصرنا

تحت قدميه فقال -صلى الله عليه وسلم-: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما اهـ.

وقوله (الله ثالثهما) قال المصنف معناه ثالثهما بالنصر والمعونة والحفظ والتسديد وهو داخل في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} وفيه بيان عظيم

<<  <  ج: ص:  >  >>