للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنه "أن رجلاً ذُكر عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأثنى عليه رَجُلٌ خيراً، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ -يقوله مراراً- إن كانَ أحَدُكُمْ مادِحاً أخاه لا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ: أحْسِبُ كَذَا وَكَذَا

ــ

(أن رجلاً ذكر عند النبي -صلى الله عليه وسلم-) ذكر فيه بصيغة المجهول. قوله: (فقال -صلى الله عليه وسلم- ويحك الخ) يحتمل أن سبب ذلك كون المادح جاوز في مدحته ودخل في الإطراء المنهي عنه لما فيه من الكذب كما سبق أول الباب ويحتمل أنه خشي على الممدوح أن يبلغه الثناء عليه فتحصل له به فتنة من عجب ونحوه والله أعلم، وويح كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها كما سبق وأخرجه الشيخان في كتاب الشهادات وفي باب قول الرجل ويلك بلفظ فقال: ويلك وهو منصوب بمقدر من غير لفظه وهو في الأصل الحزن والمشقة من العذاب ويستعمل بمعنى التفجع والتعجب وهو هنا يصلح للأمرين كذا في تحفة القاري للشيخ زكريا. قوله: (يقوله مراراً) أخرجه البخاري هكذا في باب ما

يكره من التمادح وأقل ما يصدق به ثلاث مرات وقد جاء مصرحاً به بلفظ ثلاث مرات عند البخاري في باب قول الرجل ويلك وكذا أخرجه أبو داود ووقع عند البخاري في آخر كتاب الشهادات فقال -صلى الله عليه وسلم-: "قطعت عنق صاحبك قطعت عنق صاحبك مراراً" قال الشيخ زكريا: ظاهره أنه قال الكلمتين مراراً فيصدق بأنه قال كلا منهما ست مرات بناء على أن أقل الجمع ثلاثة اهـ. قلت: بل ظاهر اللفظ أن التكرار مرة ثانية من كلام الراوي أراد ابتداء التكرار بقدر مرات تكراره -صلى الله عليه وسلم- فلما رأى طول ذلك اقتصر على الثانية وأشار إلى الكثرة بقوله مراراً فالذي يفيد الحديث حينئذٍ تكرار هذا المقال منه -صلى الله عليه وسلم- مراراً المحتمل للثلاث وما فوقها والله أعلم وبتقدير ثبوت ذلك فلا ينافي ما جاء من أنه قال ذلك ثلاثاً إما لأن ذكر الأقل لا ينفي الزائد وإما لاحتمال تعدد القصة والله أعلم. قوله: (لا محالة) هي بفتح الميم أي لا بد. قوله: (أحسب كذا وكذا الخ) أحسب بفتح السين أفصح من كسرها أي أظن وماضيه بكسرها فيهما ومصدره محسبة بفتح السين وكسرها وحسبان وأما

<<  <  ج: ص:  >  >>