للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التُّرابَ".

وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يثني على رجل ويُطريه في المِدْحة فقال: "أهْلَكْتُمْ أوْ قَطَعْتُمْ ظَهْرَ الرَّجُلِ".

قلت: قوله: يُطريه، بضم الياء وإسكان الطاء المهملة وكسر الراء وبعدها ياء مثناة تحت. والإطراء: المبالغة في المدح ومجاوزة الحد، وقيل: هو المدح.

وروينا في "صحيحيهما" عن أبي بكرة

ــ

المقداد الذي هو راويه ووافقه طائفة وكانوا يحثون التراب في وجهه وقال آخرون: معناه خيبوهم ولا تعطوهم شيئاً لمدحهم وقيل إذا مدحتم فاذكروا أنكم من تراب فتواضعوا ولا تعجبوا قال المصنف في شرح مسلم: وهذا ضعيف اهـ. وقيل: المراد منه عيبوا المداح كما ذكره الربيع. قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) رواه البخاري في الشهادات في الأدب وفي الرقائق ومسلم في آخر الكتاب. قوله: (يثني على رجل) أي يذكر أوصافه الجميلة. قوله: (ويطريه في المدحة) بكسر الميم أي جاوز الحد في مدحه وقول الشيخ فيما بعد: وقيل هو أي الإطراء المدح، تفسير له لا خصوص هذا الحديب كما يظهر إذ يبعده أنه بصير تقدير الخبر يمدح في المدحة وهو غير مراد. قوله: (أهلكتم الرجل أو قطعتم ظهره) شك من الراوي في اللفظ الصادر منه -صلى الله عليه وسلم- والمراد من الجملتين هنا معنى واحد قال شيخ الإسلام زكريا في حاشية البخاري قطعتم ظهره أي أهلكتموه استعارة من قطع العنق الذي هو القتل لاشتراكهما في الهلاك لكن هذا هلاك في الدين وذلك في الدنيا اهـ. قال المصنف في شرح مسلم وقد يكون في الدنيا لما يشتبه عليه من حاله بالإعجاب ثم قوله في الحديث أهلكتم الخ بضمير الجمع مع أن فاعل ذلك الثناء والإطراء واحد منهم إما لكسوتهم عن إنكار ذلك عليه فكأنهم فاعلوه فقال ذلك أو تكرر ذلك من أقوام وذكر أبو موسى ما رأى من فعل آخرهم وقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ما ذكره والله أعلم.

قوله: (روينا في صحيحيهما الخ) ورواه أبو داود وقال في حديثه فقال له قطعت عنق صاحبك ثلاث مرات ورواه ابن ماجه وقال فيه كما عند الشيخين يقوله مراراً وباقيه عندهما بنحوه. قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>