"مَنْ جهَّزَ جَيشَ العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّةُ؟ فجهزتُهم، ألستم تعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: مَنْ حَفَرَ بِئْرَ رُومَةَ فَلَهُ الجَنَّةُ، فحفرتُها؟ فصدَّقوه بما قال".
وروينا في "صحيحيهما" عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال حين شكاه أهل الكوفة: إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقالوا: لا يُحْسِنُ يصلِّي، فقال سعد: والله إني لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله تعالى،
ــ
ماله من الفضائل الجليلة والمآثر العديدة الجميلة وقصده بذلك أن ينقذهم مما هم فيه من المنكر ويدفع عن نفسه الضرر فلم يؤثر فيهم ذلك ليقضي الله أمراً كان مفعولاً وهذا الحديث أخرجه البخاري والترمذي والنسائي واللفظ الذي ساقه المصنف للبخاري وهو عندهم من حديث أبي عبد الرحمن السلمي قال واللفظ للبخاري وأن عثمان لما حوصر أشرف عليهم فقال: أنشدكم الله ولا أنشد إلا أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ألستم تعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"من جهز جيش العسرة فله الجنة" فجهزتهم ألستم تعلمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"من حفر بئر رومة فله الجنة" فحفرتها قال: وصدقوه بما قال. قوله:(من جهز جيش العسرة) التجهيز تهيئة الأسباب والمراد من العسرة وهي بالمهملتين ضد اليسرة غزوة تبوك سميت بذلك لأنها كانت في زمن شدة الحر وجدب البلاء وإلى شقة بعيدة وعدد كثير فجهز عثمان سبعمائة وخمسين بعيراً وخمسين فرساً وقيل غير ذلك وجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بألف دينار.
وقوله:(من حفر بئر رومة) هي بضم الراء وسكون الواو لما دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة لم يكن بها ماء عذب غير بئر رومة فقال: من اشترى بئر رومة أو قال: من حفرها فله الجنة فحفرها واشتراها بعشرين ألف درهم وسبلها على المسلمين ذكره الكرماني وغيره.
قوله:(وروينا في صحيحيهما) أخرجاه عن قيس قال: سمعت سعداً يقول فذكره ورواه الترمذي. قوله:(حين شكاه أهل الكوفة: ) سبب شكواه أنه كان قواماً بالحق صالحاً لا تأخذه فيه ملامة وذلك صعب إلا على من ساعدته العناية وفي الحديث ما ترك الحق لعمر صديقاً. قوله:(فوالله إني لأول رجل من العرب رمي بسهم) قال الكرماني: وذلك أنه كان في سرية عبيدة بضم المهملة وفتح