للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلَيهِ الحُكْمُ، فَلِمَ تُكَنَّى أبا الحَكَم؟ فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتَوْني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين، فقال رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-: ما أحْسَنَ هَذَا، فمَا لَكَ مِنَ الوَلَدِ؟ قال: لي شريح، ومسلم، وعبد الله، قال: فَمَنْ أكْبَرَهُمْ؟ قلت: شريح، قال: فأنْتَ

ــ

الخبر وأتى بضمير الفصل الدال على الحضر وأن هذا الوصف مختص به تعالى لا يتجاوز إلى غيره إذ منه مبدأ الحكم وإليه منتهاه قال تعالى: ({وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ولا راد لحكمه ولا يخلو حكمه عن حكمة وفي إطلاق الحكم على غيره إيهام الاشتراك في وصفه وقد غير قوله اسم عمرو بن هشام المكنى بأبي الحكم بأبي جهل. قوله: (وإليه الحكم) هو بضم الحاء وإسكان الكاف قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} وقد عقد العراقي هذا المعنى في قوله:

الحكم لله ثم رسوله ... فهو المحكم منه والله الحكم

قوله: (إن قومي الخ) أشار به إلى أنهم جعلوه حكماً بينهم أي يقبلون حكمه ويرضون به

لمراعاته الجانبين والعدل بين الخصمين ونحو ذلك. كقوله: (ما أحسن هذا) أي حصول الائتلاف بين القوم بسببك لأنه دال على حسن السياسة الناشيء عنها رصاهم بحكمك لكن التسمية بأبي الحكم لمجرد هذا الأمر أو أي حكم كان من أحكام حكام الدنيا قبيح لأن التسمي بهذا الاسم لا يليق إلا بمن له الحكم في كل شيء على الإطلاق وهو الله تعالى ولما منعه -صلى الله عليه وسلم- من التكني بما لا يليق به أرشده إلى التكني بأحسن ما يليق به فدل على استحباب التكني باسم أكبر الأولاد قاله العاقولي واستظهر في المرقاة أن المشار إليه وجه التكنية قال: وأتى بصيغة التعجب مبالغة في حسنه لكن لما كان فيه من الإيهام ما سبق حول كنيته إلى ما يأتي قال: وأغرب المظهري في قوله "ما" للتعجب يعني الحكم بين النّاس حسن لكن هذه الكنية غير حسنة وتبعه الطيبي فقال: لما لم يكن جوابه مطابقاً قال له -صلى الله عليه وسلم-: "على ألطف وجه وأرشقه رداً عليه ما أحسن هذا لكن أين ذلك من هذا فاعدل إلى ما يليق بحالك من التكني بالأبناء وهو من باب الرجوع إلى ما هو أولى وأليق بحاله اهـ. قوله: (قال شريح)

<<  <  ج: ص:  >  >>