للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أحسن النّاس خُلُقاً، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير: قال الراوي:

ــ

وأورد فيه حديث أنس هذا فقط ووجه دلالته على الجزء الثاني من ترجمته الإشارة إلى أنه إذا جاز أن يكنى الصغير في حال صغره فالرجل أولى قاله الكرماني. قوله: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أحسن النّاس خلقاً) بضمتين وتقدم الخلق في باب ملاعبة الرجل امرأته وممازحته لها ولطف عبارته معها ويكفي دليلاً في حسن خلقه قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} سئلت عائشة عن خلقه فِئة فقالت: كان خلقه القرآن يغضبه ما يغضبه قال العلماء: قد بلغ -صلى الله عليه وسلم- من حسن الخلق ما لم يصل إليه أحد قال أبو علي الدقاق: قد خصه الله تعالى بمزايا كثيرة ولم يثن عليه بشيء منها مثل ما أثنى عليه بخلقه فقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} قال العلماء: وصف بكونه على خلق عظيم ولم يوصف باللين أو السهولة أو نحوها مما يعتاد وصفه به إشارة إلى أن حسن خلقه -صلى الله عليه وسلم- لم يمنع من إقامة حدود الله وجهاد أعداء الله بل كان -صلى الله عليه وسلم- يعطي كل مقام ما يليق بشأنه فهو كما قال الشاعر:

يتلقى الندا بوجه صبيح ... وصدور القنا بوجه وقاح

فبهذا وذا تنم المعالي .... طرق الجد غير طرق المزاح

ثم لا مخالفة بين قول أنس: كان أحسن النّاس خلقاً وقول عائشة: كان من أحسن النّاس خلقاً رواه الترمذي وغيره لأن من الأحسن على الدوام فهو أحسن الانام إذ لا يمكن هذه الاستدامة لعسر الاستقامة وفائدة الإتيان بمن مع أنها توهم خلاف ذلك دفع ما عساه يتوهم من عدم مشاركة باقي الأنبياء له في أصل حسن الخلق والله أعلم. قوله: (وكان لي أخ) أي من أمي. قوله: (يقال له أبو عمير) أي بضم المهملة وفتح الميم وسكون التحتية بعدها زاء قال الشيخ زكريا في تحفة القاري هو عبد الله اهـ، وقد تقدم أن عبد الله هو ابن أبي طلحة الذي جاء إجابة لدعوته -صلى الله عليه وسلم- لأبي طلحة ولأم سليم عقب موت أبي عمير هذا بقوله: بارك الله لكما في ليلتكما وفيه إن أنساً جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يسم نعم الصدقة فحنكه وسماه عبد الله اهـ، ولا مانع من أن كلا من الاثنين اسمه عبد الله ولعله -صلى الله عليه وسلم- أراد بتسمية المولود عبد الله مع كونه أحب

<<  <  ج: ص:  >  >>