للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"سَمُّوا باسمِي وَلا يكَنُّوا بِكُنْيَتِي".

قلت: اختلف العلماء في التكني بأبي القاسم على ثلاثة مذاهب: فذهب الشافعي رحمه الله ومن وافقه إلى

ــ

رواه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجه عن أنس ورواه أحمد والشيخان وابن ماجه عن جابر وفي المرقاة ورواه الطبراني عن ابن عباس. قوله: (تسموا باسمي) أي فإنه لا يوجب الالتباس لأنهم منهيون عن دعائه -صلى الله عليه وسلم- باسمه قال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} وللتعليم الفعلي من الله تعالى لعباده حيث ما خاطبه في كلامه إلا بيأيها النبي ونحوه بخلاف سائر الأنبياء إذ ناداهم بأسمائهم: يا آدم، يا إبراهيم، يا موسى. قوله: (ولا تكنوا بكنيتي) يحتمل أن يكون بضم الفوقية وتشديد النون من التكنية من باب التفعيل ويحتمل أن يكون بفتح الفوقية وسكون ثانيه وهما لغتان وقوله بكنيتي أي الكنية المخصوصة بي لأن مذهب العرب في العدول عن الاسم إلى الكنية هو التوقير والتعظيم ولما كان من حق الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما يراد به التعظيم ألا يشاركه فيه أحد كره أن يكنى أحد بكنيته قال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} قيل: سبب هذا النهي ما روياه عن أنس قال: كان -صلى الله عليه وسلم- في السوق فقال رجل:

يا أبا القاسم فالتفت إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إنما دعوت هذا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "تسموا باسمي الخ" وقد أشار -صلى الله عليه وسلم- في حديث جابر عند الشيخين إلى علة النهي عن التكنية بذلك بقوله: فإني إنما جعلت قاسماً أقسم بينكم أي وهذا المعنى غير موجود في حقكم فيكون في حقكم مجرد اسم لفظاً وصورة وحاصله إني لست أبا القاسم لمجرد كون ولدي كان يسمى بقاسم بل لوحظ في معنى القاسمية باعتبار القسمة الأزلية في الأمور الدينية والدنيوية فلست كأحدكم في الذات ولا الصفات فعلى هذا يكون أبو القاسم نظير قولهم: الصوفي ابن الوقت أي صاحبه وملازمه الذي لا ينفك عنه فمعنى أبي القاسم صاحب هذا الوصف كما يقال: أبو الفضل وإن لم يكن له ولد يسمى بالفضل ومجمله إن هذه الكنية ترجع إلى معنى اللقب المحمود والله أعلم.

قوله: (اختلف العلماء في التكني بأبي القاسم على ثلاثة مذأهب الخ)

<<  <  ج: ص:  >  >>