أنه لا يحلُّ لأحد أن يتكنَّى أبا القاسم، سواء كان اسمه محمداً أو غيره، وممن روى هذا من أصحابنا عن الشافعي الأئمة الحفاظ الأثبات الفقهاء المحدثون: أبو بكر البيهقي، وأبو محمد البغوي في كتابه "التهذيب" في أول "كتاب النكاح"، وأبو القاسم بن عساكر في "تاريخ دمشق". والمذهب الثاني مذهب مالك رحمه
ــ
وزاد في شرح مسلم فحكى عن ابن جرير أنه حمل النهي على التنزيه والأدب لا على التحريم وتعقب بأنه خلاف الأصل في أن النهي للتحريم لا سيما وما يترتب عليه من الأذى به -صلى الله عليه وسلم- ولو في بعض الأحيان من حياته على أنه علل النهي بعلة دالة على اختصاص الاسم به حال وجوده وزاد الطيبي فحكى قولاً آخر أنه نهى عن التكني بأبي القاسم مطلقاً وأراد المقيد وهو النهي عن التسمية بالقاسم وقد غير مروان بن الحكم اسم ابنه حين بلغه هذا الحديث فسماه عبد الملك وكان اسمه القاسم وكذا عن بعض الأنصار ونازع فيه في المرقاة بأن جواز إطلاق أبي القاسم ومنع القاسم ممنوع لا وجه له والظاهر أن مروان غير اسم ابنه القاسم لما بلغه النهي عن التكني بأبي القاسم وخاف أن يكنى به ويقع في المحظور فغيره تخليصاً من المحذور وحكى الطيبي قولاً آخر أن التسمية بمحمد ممنوعة مطلقاً واستدل له بما لا دليل فيه. قوله:(إنه لا يحل لأحد أن يتكنى بأبي القاسم) قال في شرح مسلم وقال بعضهم: ينهي عن التكني به مطلقاً وعن التسمية بالقاسم لئلا يكنى أبوه بأبي القاسم قلت وقد سبق حديث الصحيحين عن جابر ولد الرجل من الأنصار ولد فسماه القاسم فقالوا: لا نكنيك أبا القاسم ولا كرامة فسأله -صلى الله عليه وسلم- فأمره أن يسمي ولده عبد الرحمن. قوله:(سواء كان اسمه محمداً أو غيره) قال في شرح مسلم لظاهر الحديث اهـ قيل ولأنه لما كان -صلى الله عليه وسلم- يكنى بأبي القاسم لأنه يقسم بين النّاس ما يوحى إليه وينزلهم منازلهم التي يستحقونها في الشرف والفضل وقسم الغنائم ولم يشاركه في هذا المعنى ولا في شيء منه أحد منع أن يكنى غيره بهذا المعنى. قوله:(والمذهب الثاني مذهب مالك الخ) أي فالنهي عنده منسوخ وكان الحكم في أول الأمر