وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب على حمار ليعود سعد بن عبادة رضي الله عنه ... " فذكر الحديث ومرورَ النبي -صلى الله عليه وسلم-
ــ
الكافر وقد اختلف العلماء في ذلك واختلفت الرواية عن مالك في تكنية الكافر بالجواز والكراهة وقال بعضهم إنما يجوز من ذلك ما كان على وجه التأليف وإلا فلا إذ في الكنية تعظيم وتكبير وأما تكنية الله تعالى لأبي لهب فليست من هذا ولا حجة فيه إذ كان اسمه عبد العزى وهي تسمية باطلة ولهذا كني عنه وقيل لأنه إنما كان يعرف بها اهـ، قلت: قال الكواشي ويؤيد هذا ما قرئ أبو لهب كما يقال: علي بن أبو طالب لئلا يغير الاسم فيشكل على السامع اهـ، وقيل: إن أبا لهب لقب وليس بكنية وكنيته أبو عتبة وقيل: جاء ذكر أبي لهب لمجانسة الكلام والله أعلم اهـ، وقال الكواشي في التفسير الكبير بعد نقل ما ذكرنا وقيل كني لأنه كان مشرق اللون ملتهبه كما كنى -صلى الله عليه وسلم-: أبا المهلب أبا صفرة لصفرة كانت بوجهه وجوز بعضهم أن يكن كني استهزاء به واحتقاراً له اهـ، وقال الكرماني: كان وجهه يلتهب جمالاً فجعل الله ما كان يفتخر به في الدنيا ويتزين به سبباً لعذابه وهذه التكنية ليست للإكرام بل للإهانة إذ هو كناية عن الجهنمي إذ معنى الآية: {تَبَّتْ يَدَا} الجهمنى وفي الكشاف ثلاثة أجوبه كونه مشتهراً بكنيته دون اسمه فلما أريد تشهيره ذكر الأشهر وهو الكنية دون اسمه، والثاني: أن اسمه كان عبد العزى فعدل عنه إلى كنيته، والثالث: أنه لما كان من أهل النار وما له إلى نار ذات لهب وافقت حاله كنيته فكان جديراً بأن يذكر بها اهـ، قال في الفتح وقول الزمخشري: إنها كناية عن الجهنمي متعقب بأن الكنية لا ينظر فيها إلى مدلول اللفظ بل الاسم إذا صدر بأب أو أم فهو كنية سلمنا لكن اللهب لا يختص بجنهم وإنما المعتمد ما قاله غيره أن النكتة في التكنية بذلك أنه لما علم الله تعالى أن مآله إلى النار ذات اللهب ووافقت كنيته حال حسن أن يذكر بها اهـ.