للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا لَقَّبه بلقب ملك الروم وهو قيصر، ونظائر هذا كثيرة، وقد أمرنا بالإغلاظ عليهم، فلا ينبغي أن نكنِّيَهم ولا نُرَقِّقَ لهم عبارةً، ولا نُلينَ لهم قولاً، ولا نُظْهِرَ لهم ودّاً ولا مؤالفة.

ــ

لازمة لهرقل لأنه عظيمهم فاكتفى به -صلى الله عليه وسلم- عن قوله: "ملك الروم" فإنه لو كتبها لتمسك بها هرقل في أنه أقره على المملكة قال: ولا يرد مثل ذلك في قوله تعالى حكايته عن صاحب مصر وقال: الملك لأنه حكاية عن أمر مضى وانقضى بخلاف هرقل اهـ، وينبغي أن يضم إليه أن ذكر عظيم الروم والعدول عن ملك الروم حيث كان لا بد من صفة تميزه عند الاقتصار على اسمه لأن من تسمى بهرقل كثير فقيل: عظيم الروم ليتميز عمن تسمى بهرقل وعلى هذا فلا يحتج به على جواز الكنية لكل مشرك بلا تقييد والله أعلم انتهى كلام الفتح. قوله: (ولا لقبه بلقب ملك الروم وهو قيصر) أي بفتح القاف وسكون التحتية وفتح المهملة وهذا لقب لكل من ملك الروم وكسرى بكسر الكاف وفتحها لقب لمن ملك الفرس والمقوقس لقب لمن ملك القبط والعزيز لمن ملك مصر والنجاشي لمن ملك الحبشة وتبع لمن ملك اليمن وسبق في كتاب أذكار الجنائز لهذا مزيد فراجعه قال المصنف في شرح مسلم في كتابه -صلى الله عليه وسلم- التوقي في المكاتبة واستعمال الورع فيها فلا يفرط ولا يفرط فلهذا قال هرقل عظيم الروم ولم يقل ملك الروم لأنه لا ملك له ولا لغيره لحكم دين الإسلام ولا سلطان لأحد إلا لمن ولاه -صلى الله عليه وسلم- أو ولاه من أذن له -صلى الله عليه وسلم- بشرطه وإنما تنفذ تصرفات الكفار للضرورة ولم يقل هرقل فقط بل أتى بنوع من الملاطفة فقال: عظيم الروم وقد أمر الله تعالى بإلانة القول لمن يدعى إلى الإسلام فقال: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} وقال تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} وغير ذلك فقول الشيخ هنا ولا يلين لهم قولاً محله ما إذا لم يكن ذلك للدعاء للإسلام أو لم ينجع ذلك فيهم فيشدد عليهم ويعاملون بنقيضة حالهم والله أعلم وقد أشار في كتاب السلام إلى نحو ذلك فقال: قال أبو سعيد: لو أراد تحية ذمي فعلها بنحو هداك الله لا أنعم الله صباحك قلت: وهذا الذي قاله أبو سعيد

<<  <  ج: ص:  >  >>