تَحُولُ به بَينَنا وبَينَ مَعاصِيكَ، ومِنْ طَاعَتِكَ ما تُبَلغُنا به جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ ما تُهَوِّنُ بهِ عَلَينا مَصَائِبَ الدُّنْيا، اللهُمَّ مَتِّعْنا بأسماعنا وأبْصَارِنا
ــ
قوله:(اقسم لنا من خشيتك) أي اجعل
لنا قسماً ونصيباً من خشيتك أي خوفك المقرون بعظمتك قال ابن حجر الهيتمي في شرح الشمائل: الخوف والخشية والوجل والرهبة متقاربة المعنى فالخوف توقع العقوبة على مجاري الأنفاس واضطراب القلب من ذكر المخوف والخشية أخص منه إذ هي خوف مقرون بمعرفة ومن ثم قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} وقيل: الخوف حركة والخشية سكون ألا ترى إن من يرى عدواً له جاءه تحرك للهرب منه وهو الخوف وحالة استقراره في محل لا يصل إليه يسكن وهو الخشية، والرهبة إلا معان في الهرب من المكروه والوجل خفقان القلب عند ذكر من يخاف سطوته، والهيبة تعظيم مقرون بالحب، والخوف للعامة والخشية للعلماء العارفين والهيبة للمحبين والإجلال للمقربين وعلى قدر العلم والمعرفة تكون الهيبة والخشية قال -صلى الله عليه وسلم-: "أنا أتقاكم الله وأشدكم له خشية" اهـ. وأصله للقسطلاني في المواهب اللدنية. قوله:(تحول) أي تحجز وتمنع أنت أو هي ويدل على الأول قوله من ويؤيد الثاني أنه ضبطه بعض المحققين بالتحتية بصيغة التذكير على أن الضمير لما أي يحجب بيننا وبين معاصيك. قوله:(تبلغنا) بتشديد اللام المكسورة ويجوز تخفيفها أي توصلنا. قوله:(ومن اليقين) أي بك ونفوذ قضائك وإنه لا راد له وبأنه لا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا وبأن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا وما أصابنا لم يكن ليخطئنا وبأن ما قدرته لا يتخلف عن حكمة ومصلحة واستجلاب منفعة. قوله (تهون) بكسر الواو المشددة وبالتحتية والفوقية أي تسهل وتخفف وفي نسخة مقروءة على ابن العماد تهون به قال ابن الجزري: رواية ما تهون علينا بحذف به تقتضي أن تكون بالتحتية وإثباته يقتضي أن تكون بالفوقية. قوله (مصائب الدنيا) بالنصب وفي نسخة بالرفع على أن يهون بفتح أوله وضم الهاء مضارع هان بالتحتية والفوقية. قوله (متعنا بأسماعنا وأبصارنا) أي لأنهما طرائق الدلائل الموصلة