وَقُوَّتِنا مَا أحْيَيتَنَا، واجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنا، وَاجْعَلْ ثأرَنا على مَنْ ظَلَمَنا، وَانْصُرْنا على مَنْ عَادَانا، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا في دِينِنَا، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيا أكبَرَ هَمِّنا وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنا، وَلا تُسَلِّط عَلَينا مَنْ لا يَرْحَمُنا" قال الترمذي: حديث حسن.
ــ
لمعرفة الله تعالى وتوحيده من البراهين المأخوذة إما من الآيات المنزلة وطريق ذلك السمع أو من الآيات في الآفاق والأنفس وطريق ذلك البصر. قوله:(وقوتنا) أي قوة قلبنا الذي عليه مدار إيماننا أو المراد قوة سائر قوانا من الحواس الظاهرة والباطنة وباقي الأعضاء البدنية أي متعنا بذلك مدة إحيائنا وتقدم الكلام على قوله: ومتعنا بأسماعنا إلى قوله: واجعل ثأرنا على من ظلمنا في باب ما يقول إذا أراد النوم. قوله:(واجعل ثأرنا) بالمثلثة أي انتقامنا ونصرنا مقصوراً (على من ظلمنا) ولا تجعلنا ممن تعدى في طلب ثأره وأخذ به غير الجاني كما كان أهل الجاهلية تفعله أو اجعل إدراك ثأرنا على من ظلمنا فندرك ثأرنا وأصل الثأر الحق والغضب ثم استعير لمطالبة دم القتيل. وقوله:(وانصرنا الخ) تعميم بعد تخصيص. قوله:(ولا تجعل مصيبتنا في ديننا) أي لا تصبنا بما ينقص ديننا من أكل الحرام واعتقاد السوء والفترة في العبارة والغفلة عن الطاعة. قوله:(ولا تجعل الدنيا الخ) الهم المقصد والحزن أي لا تجعل أكبر قصدنا أو حزننا لأجل الدنيا بل اجعله مصروفاً في عمل الآخرة وفيه ويؤخذ منه إن القليل من الهم مما لا بد منه في أمر المعاش مرخص فيه بل مستحب على ما صرح به القاضي عياض وفي الحديث وأصدقها أي الأسماء حارث
وهمام. قوله:(ولا مبلغ علمنا) بفتح الميم والكلام بينهما موحدة ساكنة وهو الغاية التي يبلغها الماشي والمحاسب فيقف عندها أي لا تجعلنا بحيث لا نعلم ولا نتفكر إلا في أحوال الدنيا بل اجعلنا متفكرين في أمر العقبى متفحصين عن العلوم الفاخرة المتعلقة بأمور الآخرة ومجمله لا تجعل علمنا غير متجاوز عن الدنيا مقصوراً عليها بل اجعله متجاوزاً عنها إلى الآخرة. قوله:(ولا تسلط علينا الخ) أي من الكفار والفجار والظلمة بتوليتهم علينا ولا تجعلنا مغلوبين لهم ويجوز حمله على ملائكة العذاب في القبر أو في النار ولا مانع من إرادة الجميع والله أعلم.