رضي الله عنه قال: كنت جالساً مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجلان يستبَّان، وأحدهما قد احمرَّ وجهه، وانتفخت أوداجُه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنيِ لأعْلَمُ كَلمَة لَوْ قالَها لَذَهَبَ عنْهُ ما يَجدُ، لَوْ قال: أعُوذُ باللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، ذهَبَ عَنْهُ ما يَجدُ، فقالوا له:
ــ
وخرج له الأربعة. قوله:(ورجلان يستبان) بفتح التحتية وسكون السين المهملة وفتح الفوقية بعدها موحدة مشددة افتعال من السباب أي يسب كل منها صاحبه. قوله:(وأحدهما قد احمر وجهه) أي من شدة الغضب لأنه يثير في القلب حرارة عظيمة قد يقتل صاحبها بإطفائها الحرارة الغريزية وقد لا لانتشارها في بقية الأعضاء لا سيما الوجه لأنه ألطفها وأقربها إلى القلب والبشرة لصفائها كالزجاجة تحكي لون ما وراءه ثم محل كون الحمرة تعلو وجه الغضبان إذا غضب على من دونه واستشعر القدرة عليه فإن كان الغضب ممن فوقه وأيس من الانتقام منه انقبض الدم إلى جوف القلب وكمن فيه فصار حزناً فاصفر اللون أو من مساويه الذي يشك في القدرة عليه تردد الدم بين انقباض وانبساط فيصير لونه بين حمرة وصفرة فالغضب فوران الدم وغليانه كما مر. قوله:(وانتفخت أوداجه) في النهاية الأوداج ما أحاط بالعنق من العروق التي يقطعها الذابح واحدها ودج قلت هو بفتح الواو والدال المهملة وبالجيم قال في المصباح وكسر الدال لغة وقيل الودجان عرقان غليظان عن جانبي ثغرة النحر ومنه حديث فانتفخت أوداجه. قوله (كلمة) المراد منها معناها اللغوي. قوله:(لذهب عنه) أي ببركتها. قوله:(ما يجد) أي ما يجده من الغضب الذي يخشى عليه منه وهذا مستمد من قوله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} الآية. قوله:(لو قالها الخ) الجملة الأولى الشرطية وجوابها في محل الصفة لكلمة وقوله لو قال الخ كذلك بدل من الجملة قبلها وقوله: أعوذ بالله الخ خلف من الضمير العائد للموصوف. قوله:(أعوذ) أي أعتصم وألتجئ (بالله من الشيطان الرجيم) فإنه هو الذي يثير الغضب في القلب ويحسنه للإنسان حتى يوقعه في الهلاك الحسي أو الشرعي. قوله:(فقالوا) أي الصحابة الحاضرون (له) أي للرجل