للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا} [النجم: ٢٩] {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: ٨٥].

وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "لما كان يوم حنين آثر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ناساً من أشراف العرب

ــ

باحتمال من ظلمه اهـ، وفي كونها منسوخة بآية السيف والمراد منها المؤلفة بعد لا يخفى بخلافها على القول الأول أي بأنه أمر بالإعراض عن الجاهلين أي الكافرين وتركهم بما لهم بعد الإنذار فالنسخ عليه ظاهر والله أعلم، وقال الكرماني: قال جعفر الصادق: ليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها ولعل ذلك إن المعاملة إما مع نفسه أو مع غيره والغير إما عالم أو جاهل أو لأن الأخلاق ثلاثة لأن القوى الإنسانية عقلية وشهوية وغضبية ولكل قوة فضل هي وسطها للعقلية الحكمة وبها الأمر بالمعروف وللشهوية العفة ومنها خذ العفو وللغضبية الشجاعة ومنها الإعراض عن الجهال اهـ. قوله: (فأعرض عمن تولى عن ذكرنا) قال في النهر: موادعة منسوخة بآية السيف. قوله: (فاصفح الصفح الجميل) أعرض عنهم إعراضاً لا جزع فيه وهذا منسوخ بآية السيف أيضاً ومراد الشيخ من ذكر هذه الآية إن المؤمن مطلوب منه التخلق بالصفح الجميل وبالإعراض عن الجاهلين من المؤمنين عند صدور إساءة أدب من أحد منهم معه كما وقع له -صلى الله عليه وسلم- من صبره على جفاة الأعراب وعفوه عما صدر منهم من سيئ الآداب.

قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم) أي وهذا اللفظ لمسلم وعند البخاري فقال رجل من الأنصار: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر". قوله: (يوم حنين) بضم المهملة وفتح النون الأولى وسكون التحتية وهو حربه -صلى الله عليه وسلم- مع هوازن وكان

بعد فتح مكة في شوال من ذلك العام. قوله: (آثر ناساً من أشراف العرب) أي تألفاً لهم وطلباً لتمكين الإيمان في قلوبهم كما في حديث الصحيحين عن سعد مرفوعاً إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار على وجهه وممن أعطاه في ذلك اليوم صفوان والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وأعطى كلاًّ منهم مائة من الإبل وكذا أعطى ناساً

<<  <  ج: ص:  >  >>