للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفاية.

وقد أجمع العلماء على أن من وعد إنساناً شيئاً ليس بمنهيٍّ عنه فينبغي أن يفيَ بوعده، وهل ذلك واجب، أم مستحب؟ فيه خلاف بينهم، ذهب الشافعي وأبو حنيفة والجمهور إلى أنه مستحبّ، فلو تركه فاته الفضل، وارتكب المكروه كراهةَ تنزيهٍ شديدةً، ولكن لا يأثم،

ــ

أخاه ومن نيته أن يفي له فلم يف فلا إثم عليه، فإن قلت: قد توجد هذه الخصال في المسلم أجيب بأن المراد نفاق العمل لا نفاق الكفر كما أن الإيمان يطلق على العمل كالاعتقاد وقيل: المراد من اعتاد ذلك وصار ديد ناله وقيل: المراد التحذير من هذه الخصال التي هي صفات المنافقين وإنها خصال نفاق وصاحبها شبيه بالمنافقين ومتخلق بأخلاقهم. قوله: (من وعد إنساناً شيئاً) أي من الوعد فهو مفعول مطلق أو من العطاء فهو مفعول به. قوله (فينبغي) أي يطلب. قوله: (ذهب الشافعي وأبو حنيفة والجمهور إلى أنه مستحب الخ) قال المهلب: إنجاز الوعد مأمور به

مندوب إليه عند الجميع وليس بفرض لاتفاقهم على أن الموعود لا يضارب بما وعد به الغرماء وتعقب الحافظ دعوى الاتفاق على عدم الفرضية بقول المصنف وذهب جماعة إلى أنه واجب وسيأتي قريباً الجواب عن قوله لاتفاقهم على أن الموعود لا يضارب بما وعد به. قوله: (وارتكب المكروه كراهة تنزيه شديدة) قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قرأت بخط أبي رحمه الله في إشكالات على الأذكار: لم يذكر جواباً عن الآيات والحديث أي التي صدر بها الباب وقال: الدلالة للوجوب منها قوية فكيف حملوه على كراهة التنزيه مع هذا الزجر الشديد الذي لم يرد مثله إلا في المحرمات الشديدة التحريم أي من قوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} وخلف الوعد من آية المنافق اهـ، قال السخاوي في جزئه المسمى: "التماس السعد في الوفاة بالوعد" لم ينفرد والد شيخنا بالبحث في ذلك فقد قال الشيخ تقي الدين السبكي: وناهيك به قول الأصحاب لا يجب الوفاء بالشرط مشكل لأن ظواهر الآيات والسنة تقتضي وجوبه وإخلاف الوعد كذب والخلف والكذب ليسا من أخلاق المؤمنين قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>