وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه فقال: "اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، ويَقضي الله على لسانِ نَبِيِّهِ ما أحَبَّ".
وفي رواية "ما شاءَ"
ــ
في الجهاد يكن له نصيب من الأجر ومن يكن شفيعاً لآخر في باطل يكن له نصيب من الوزر وزاد فيه وقيل: الشفاعة الحسنة هي في البر والطاعة والسيئة في المعاصي فمن يشفع شفاعة حسنة ليصلح بين النّاس استوجب الأجر ومن سعى بالنميمة والغيبة إثم وهذا قريب من معنى القول الأول أي قول الجمهور وقيل يعني بالشفاعة الحسنة الدعاء للمؤمنين، والسيئة الدعاء عليهم، في صحيح الخبر من دعا لأخيه بظهر الغيب استجيب له وقال الملك: آمين ولك بمثله فهذا هو النصيب وكذا في الشر بل يرجع شؤم دعائه عليه كما كانت اليهود تدعو على المسلمين.
قوله:(وروينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) في الجامع الصغير عزوا تخريج قوله: اشفعوا الخ، لكن بلفظ ما شاء بدل قوله: ما أحب إلى أبي داود والنسائي والترمذي والدارقطني في السنن وكلهم عن أبي موسى. قوله:(تؤجروا) بالجزم جواب الشرط المقدر أي إن تشفعوا تؤجروا ووقع في بعض نسخ مسلم رواية للبخاري في كتاب الأدب فلتؤجروا بزيادة فاء ولام قال القرطبي: فينبغي أن تكون مكسورة لأنها لام كي وإن الفاء زائدة كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "قوموا فلأصلي لكم" في
بعض رواياته ويكون معنى الحديث على تلك الرواية اشفعوا لكي تؤجروا قال: ويحتمل أنها لام الأمر والمأمور به التعرض للأجر بالاستشفاع كأنهم استشفعوا وتعرضوا بذلك للأجر وعلى هذا فيجوز كسر اللام وسكونها، وقال الشيخ زكريا الفاء للسببية وهي التي ينتصب بعدها الفعل المضارع واللام بالكسر لام كي وجاز اجتماعهما لأنهما أمر واحد أو هي زائدة على مذهب الأخفش أو عاطفة على اشفعوا والكلام بالسكون للأمر أو على مقدر كما في وإياي فارهبون وقيل: الفاء والكلام زائدتان ويوافقه سقوطها من نسخة، قال الكرماني في تفسير معنى الحديث أي إذا عرض المحتاج