وفي رواية أبي داود "اشْفَعُوا إليّ لِتُؤْجَرُوا، ولْيَقْضِ اللهُ على لِسانِ نَبِيهِ ما شاءَ" وهذه الرواية توضح معنى رواية الصحيحين.
وروينا في "صحيح البخاري" عن ابن عباس رضي الله عنهما في قصة بريرة وزوجها قال: قال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-:
ــ
على حاجته فاشفعوا له إلي فإنكم إذا شفعتم حصل لكم الأجر سواء قبلت شفاعتكم أم لا ويقضي الله أي يجري الله على لساني ما أحب أي شاء من موجبات قضاء الحاجة أو عدمها أي إن قضيتها أو لم أقضها فهو بتقدير الله وقضائه.
قوله:(وفي رواية ما شاء) هي كذلك عند البخاري في كتاب الأدب من الصحيح وتقدم أنها عند الثلاثة من أصحاب السنن والدارقطني أيضاً وحينئذٍ فإن لوحظ صدور أقضية الحاجات باعتبار موردها على يده -صلى الله عليه وسلم- فتحمل رواية شاء على أحب لأنه لا يبرز على يده -صلى الله عليه وسلم- من المقضيات إلا المحبوب لله سبحانه وإن أريد ما هو أعم من بروزها على يده فشمل ما برز على يد غيره من الأقدار على يد ولاة الأمور فلا تخصص رواية شاء برواية أحب لأن ذكر بعض أفراد العام لا يخصصه. قوله:(وفي رواية أبي داود الخ) اللام في لتؤجروا تعليلية أي أمركم بالشفاعة عندي ليعود عليكم الأجر ويصح حملها على الأمر على ما تقدم في كلام القرطبي وغيره. قوله:(وليقضي الله) هكذا هو بالنصب في نسخة معطوف على المنصوب قبله بإعادة حرف التعليل وفي نسخة مصححة وليقض بالجزم قال القرطبي: وصحت به الرواية كذلك هنا أي في صحيح مسلم باللام وجزم الفعل وحمل ذلك على أن الأمر وقع فيها موقع الخبر كما قد جاء ذلك كثيراً انتهى. قوله:(توضح رواية الصحيحين الخ) أي لأنها تبين أن المرابطة بين الأجر والشفاعة المدلول عليها بجزم الفعل في جواب الأمر في قوله اشفعوا تؤجروا لأنها سبب لحصوله.
قوله:(وروينا في صحيح البخاري الخ) قال المزي في الأطراف رواه البخاري في كتاب الطلاق والترمذي في النكاح (في قصة بريرة) هي بفتح الموحدة وكسر الراء الأولى وسكون التحتية بينهما أي لما عتقت وفسخت نكاحها من زوجها لكونه رقيقاً. قوله:(وزوجها) اسمه مغيث وهو عبد أسود وما روي عن عائشة أن زوجها كان حراً فمعارض بأنه قد صح عنها أنه كان عبداً. قوله:(قال) أي ابن عباس (قال لها) أي